الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٨) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا نوح، اهبط من الفلك إلى الأرض [[انظر تفسير " الهبوط " فيما سلف ١٢: ٣٢٩، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] ﴿بسلام منا﴾ ، يقول: بأمن منا أنت ومن معك من إهلاكنا [[انظر تفسير " السلام " فيما سلف من فهارس اللغة (سلم) .]] = ﴿وبركات عليك﴾ ، يقول: وببركات عليك [[في المطبوعة والمخطوطة: " وبركات عليه "، مرة أخرى، ولم يفسرها أيضًا، فإن لم يكن سقط من التفسير شيء، فالصواب ما أثبت بزيادة الباء، دلالة على العطف على ما قبله.]] = ﴿وعلى أمم ممن معك﴾ ، يقول: وعلى قرون تجيء من ذرية من معك من ولدك. فهؤلاء المؤمنون من ذرية نوح الذين سبقت لهم من الله السعادة، وبارك عليهم قبل أن يخلقهم في بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم. ثم أخبر تعالى ذكره نوحًا عما هو فاعل بأهل الشقاء من ذريته، فقال له: ﴿وأمم﴾ ، يقول: وقرون وجماعة [[انظر تفسير " الأمة " فيما سلف ص: ٢٥٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] = ﴿سنمتعهم﴾ في الحياة في الدنيا، يقول: نرزقهم فيها ما يتمتعون به إلى أن يبلغوا آجالهم [[انظر تفسير " المتاع " فيما سلف من فهارس اللغة (متع) .]] = ﴿ثم يمسهم منا عذاب أليم﴾ ، يقول: ثم نذيقهم إذا وردوا علينا عذابًا مؤلمًا موجعًا. [[انظر تفسير " المس " فيما سلف ص: ٢٥٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٨٢٥٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي: (قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم من معك) ، إلى آخر الآية، قال: دخل في ذلك السلام كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، ودخل في ذلك العذاب والمتاع كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. ١٨٢٥١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي: ﴿قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم من معك﴾ ، قال: دخل في الإسلام كل مؤمن ومؤمنة، وفي الشرك كل كافر وكافرة. [[في المطبوعة: " دخل في السلام "، غير ما في المخطوطة، وأساء.]] ١٨٢٥٢- حدثني المثني قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، قراءةً عن ابن جريج: ﴿وعلى أمم ممن معك﴾ ، يعني: ممن لم يولد. قد قضى البركات لمن سبق له في علم الله وقضائه السعادة = ﴿وأمم سنمتعهم﴾ ، من سبق له في علم الله وقضائه الشِّقوة. [[في المطبوعة " الشقاوة "، وأثبت ما في المخطوطة، هنا وفي سائر المواضع الآتية.]] ١٨٢٥٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج بنحوه = إلا أنه قال: ﴿وأمم سنمتعهم﴾ ، متاع الحياة الدنيا، ممن قد سبق له في علم الله وقضائه الشقوة. قال: ولم يهلك الوَلَد يوم غرق قوم نُوح بذنب آبائهم، كالطير والسباع، ولكن جاء أجلهم مع الغرق. ١٨٢٥٤- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم﴾ ، قال: هبطوا والله عنهم راض، هبطوا بسلام من الله. كانوا أهل رحمة من أهل ذلك الدهر، ثم أخرج منهم نسلا بعد ذلك أممًا، منهم من رحم، ومنهم من عذب. وقرأ: ﴿وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم﴾ ، وذلك إنما افترقت الأمم من تلك العصابة التي خرجت من ذلك الماء وسلمت. ١٨٢٥٥- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك﴾ ، الآية، يقول: بركات عليك وعلى أمم ممن معك لم يولدوا، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة = ﴿وأمم سنمتعهم﴾ ، يعني: متاع الحياة الدنيا = ﴿ثم يمسهم منا عذاب أليم﴾ ، لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. ١٨٢٥٦- حدثني المثني قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن: أنه كان إذا قرأ "سورة هود"، فأتى على: ﴿يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك﴾ ، حتى ختم الآية، قال الحسن: فأنجى الله نوحًا والذين آمنوا، وهلك المتمتعون! حتى ذكر الأنبياء كل ذلك يقول: أنجاه الله وهلك المتمتعون. ١٨٢٥٧- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم﴾ ، قال: بعد الرحمة. ١٨٢٥٨- حدثنا العباس بن الوليد قال، أخبرني أبي قال، اخبرنا عبد الله بن شوذب قال، سمعت داود بن أبي هند يحدث، عن الحسن: أنه أتى على هذه الآية: ﴿اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم﴾ ، قال: فكان ذلك حين بعث الله عادًا، فأرسل إليهم هودًا، فصدقه مصدقون، وكذبه مكذبون، حتى جاء أمر الله. فلما جاء أمر الله نجّى الله هودًا والذين آمنوا معه، وأهلك الله المتمتعين، ثم بعث الله ثمود، فبعث إليهم صالحًا، فصدقه مصدقون وكذبه مكذبون، حتى جاء أمر الله. فلما جاء أمر الله نجى الله صالحًا والذين آمنوا معه وأهلك الله المتمتعين. ثم استقرأ الأنبياء نبيًّا نبيًّا، على نحو من هذا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب