الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم فصلت آياته، بأن لا تعبدوا إلا الله، وبأن استغفروا ربكم. ويعني بقوله: ﴿وأن استغفروا ربكم﴾ ، وأن اعملوا أيها الناس من الأعمال ما يرضي ربكم عنكم، فيستر عليكم عظيمَ ذنوبكم التي ركبتموها بعبادتكم الأوثان والأصنام، وإشراككم الآلهة والأنداد في عبادته. [[انظر تفسير " الاستغفار " فيما سلف من فهارس اللغة (غفر) .]]
وقوله: ﴿ثم توبوا إليه﴾ ، يقول: ثم ارجعوا إلى ربكم بإخلاص العبادة له دون ما سواه من سائر ما تعبدون من دونه بعد خلعكم الأنداد وبراءتكم من عبادتها. [[انظر تفسير " التوبة " فيما سلف من فهارس اللغة (توب) .]]
ولذلك قيل: ﴿وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه﴾ ، ولم يقل: "وتوبوا إليه"، لأن "التوبة" معناها الرجوع إلى العمل بطاعة الله، والاستغفار: استغفار من الشرك الذي كانوا عليه مقيمين، والعملُ لله لا يكون عملا له إلا بعد ترك الشرك به، فأما الشرك فإنّ عمله لا يكون إلا للشيطان، فلذلك أمرهم تعالى ذكره بالتوبة إليه بعد الاستغفار من الشرك، لأن أهل الشرك كانوا يرون أنهم يُطِيعون الله بكثير من أفعالهم، وهم على شركهم مقيمون.
وقوله: ﴿يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى﴾ ، يقول تعالى ذكره للمشركين الذين خاطبهم بهذه الآيات: استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، فإنكم إذا فعلتم ذلك بسط عليكم من الدنيا ورزقكم من زينتها، وأنسأ لكم في آجالكم إلى الوقت الذي قضى فيه عليكم الموت. [[انظر تفسير " المتاع " فيما سلف من فهارس اللغة (متع) .
= وتفسير " الأجل المسمى " فيما سلف من فهارس اللغة (أجل) .]]
* * *
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٩٢٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى﴾ ، فأنتم في ذلك المتاع، فخذوا بطاعة الله ومعرفة حقّه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيدٍ من الله، وذلك قضاؤه الذي قضى.
* * *
وقوله: ﴿إلى أجل مسمى﴾ ، يعني الموت.
١٧٩٢٩- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿إلى أجل مسمى﴾ ، قال: الموت.
١٧٩٣٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿إلى أجل مسمى﴾ ، وهو الموت.
١٧٩٣١- حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: ﴿إلى أجل مسمى﴾ ، قال: الموت.
* * *
وأما قوله: ﴿ويؤت كل ذي فضل فضله﴾ ، فإنه يعني: يثيب كل من تفضَّل بفضل ماله أو قوته أو معروفه على غيره محتسبًا بذلك، مريدًا به وجه الله = أجزلَ ثوابه وفضله في الآخرة، كما:-
١٧٩٣٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿ويؤت كل ذي فضل فضله﴾ ، قال: ما احتسب به من ماله، أو عمل بيده أو رجله، أو كَلِمة، أو ما تطوَّع به من أمره كله.
١٧٩٣٣- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال=
١٧٩٣٤-. . . . وحدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه= إلا أنه قال: أو عملٍ بيديه أو رجليه وكلامه، وما تطوَّل به من أمره كله.
١٧٩٣٥- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد بنحوه= إلا أنه قال: وما نطق به من أمره كله.
١٧٩٣٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿ويؤت كل ذي فضل فضله﴾ ، أي: في الآخرة.
* * *
وقد روي عن ابن مسعود أنه كان يقول في تأويل ذلك ما:-
١٧٩٣٧- حدثت به عن المسيب بن شريك، عن أبي بكر، عن سعيد بن جبير، عن ابن مسعود، في قوله: ﴿ويؤت كل ذي فضل فضله﴾ ، قال: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات. فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات. وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات. ثم يقول: هلك من غلب آحادُه أعشارَه!!
* * *
وقوله: ﴿وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير﴾ ، يقول تعالى ذكره: وإن أعرضوا عما دعوتُهم إليه، [[انظر تفسير " التولي " فيما سلف من فهارس اللغة (ولى) .]] من إخلاص العبادة لله، وترك عبادة الآلهة، وامتنعوا من الاستغفار لله والتوبة إليه، فأدبروا مُوَلِّين عن ذلك، ﴿فإني﴾ ، أيها القوم، ﴿أخاف عليكم عذاب يوم كبير﴾ ، شأنُه عظيمٍ هَوْلُه، وذلك يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون.
* * *
وقال جل ثناؤه: ﴿وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير﴾ ، ولكنه مما قد تقدّمه قولٌ، والعرب إذا قدَّمت قبل الكلام قولا خاطبت، ثم عادت إلى الخبر عن الغائب، ثم رجعت بعدُ إلى الخطاب، وقد بينا ذلك في غير موضع، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. [[انظر ما سلف ١٣: ٣١٤، تعليق، ٣: والمراجع هناك.]]
{"ayah":"وَأَنِ ٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِ یُمَتِّعۡكُم مَّتَـٰعًا حَسَنًا إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى وَیُؤۡتِ كُلَّ ذِی فَضۡلࣲ فَضۡلَهُۥۖ وَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمࣲ كَبِیرٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق