الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ (٣٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: ﴿قل﴾ ، يا محمد لهؤلاء المشركين = ﴿هل من شركائكم﴾ ، الذين تدعون من دون الله، وذلك آلهتهم وأوثانُهم، ﴿من يهدي إلى الحق﴾ يقول: من يرشد ضالا من ضلالته إلى قصد السبيل، ويسدِّد جائرًا عن الهدى إلى واضح الطريق المستقيم؟ فإنهم لا يقدرون أن يدَّعوا أن آلهتهم وأوثانهم تُرشد ضالا أو تهدي جائرًا. وذلك أنهم إن ادَّعوا ذلك لها أكذبتهم المشاهدة، وأبان عجزَها عن ذلك الاختبارُ بالمعاينة. فإذا قالوا "لا" وأقرُّوا بذلك، فقل لهم. فالله يهدي الضالَّ عن الهدى إلى الحق= ﴿أفمن يهدي﴾ أيها القوم ضالا إلى الحقّ، وجائرًا عن الرشد إلى الرشد= ﴿أحق أن يتبع﴾ ، إلى ما يدعو إليه ﴿أمْ مَنْ لا يهدِّي إِلا أن يُهدى﴾ ؟
* * *
واختلفت القراء في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قراء أهل المدينة: ﴿أَمَّنْ لا يَهْدِّي﴾ بتسكين الهاء، وتشديد الدال، فجمعوا بين ساكنين [[انظر ما قاله في شبه هذه القراءة فيما سلف ٩: ٣٦٢.]] = وكأنّ الذي دعاهم إلى ذلك أنهم وجَّهوا أصل الكلمة إلى أنه: أم من لا يهتدي، ووجدوه في خطّ المصحف بغير ما قرءوا، [[في المطبوعة: " بغير ما قرروا "، والصواب ما في المخطوطة.]] وأن التاء حذفت لما أدغمت في الدال، فأقرُّوا الهاء ساكنة على أصلها الذي كانت عليه، وشدَّدوا الدال طلبًا لإدغام التاء فيها، فاجتمع بذلك سكون الهاء والدال. وكذلك فعلوا في قوله: ﴿وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعَدُّوا فِي السَّبْتِ﴾ ، [سورة النساء: ١٥٤] ، [[انظر ما سلف في هذه القراءة ٩: ٣٦٢.]] وفي قوله: ﴿يَخْصِّمُون﴾ ، [سورة يس: ٤٩] . [[انظر ما سيأتي في هذه القراءة ٢٣: ١١ (بولاق) .]]
* * *
وقرأ ذلك بعض قراء أهل مكة والشام والبصرة= " ﴿يَهَدِّي﴾ بفتح الهاء وتشديد الدال. وأمُّوا ما أمَّه المدنيون من الكلمة، غير أنهم نقلوا حركة التاء من "يهتدي": إلى الهاء الساكنة،، فحرَّكوا بحركتها، وأدغموا التاء في الدال فشدّدوها.
* * *
وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة: ﴿يَهِدِّي﴾ ، بفتح الياء، وكسر الهاء، وتشديد الدال، بنحو ما قصدَه قراء أهل المدينة، غير أنه كسر الهاء لكسرة الدال من "يهتدي"، استثقالا للفتحة بعدها كسرةٌ في حرف واحدٍ.
* * *
وقرأ ذلك بعدُ، عامة قراء الكوفيين [[في المطبوعة: " وقرأ ذلك بعض عامة قرأة، الكوفيين " جعل " بعد "، " بعض "، فأفسد الكلام وأسقطه.]] ﴿أَمْ مَنْ لا يَهْدِي﴾ ، بتسكين الهاء وتخفيف الدال. وقالوا: إن العرب تقول: "هديت" بمعنى "اهتديت"، قالوا: فمعنى قوله: ﴿أم من لا يهدي﴾ : أم من لا يَهْتَدي إلا أن يهدى.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءة في ذلك بالصواب، قراءةُ من قرأ: ﴿أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي﴾ بفتح الهاء وتشديد الدال، لما وصفنا من العلة لقارئ ذلك كذلك، وأن ذلك لا يدفع صحته ذو علم بكلام العرب، وفيهم المنكر غيره. وأحقُّ الكلام أن يقرأ بأفصح اللغات التي نزل بها كلامُ الله.
* * *
فتأويل الكلام إذًا: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع، أم من لا يهتدي إلى شيء إلا أن يهدي؟
* * *
وكان بعض أهل التأويل يزعم أن معنى ذلك: أم من لا يقدر أن ينتقل عن مكانه إلا أن يُنْقل.
* * *
وكان مجاهد يقول في تأويل ذلك ما:-
١٧٦٦٠- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدّي إلا أن يهدي﴾ ، قال: الأوثان، الله يهدي منها ومن غيرها من شاء لمن شاء.
١٧٦٦١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: ﴿أمن لا يهدي إلا أن يهدي﴾ ، قال: قال: الوثن.
* * *
وقوله: ﴿فما لكم كيف تحكمون﴾ ، ألا تعلمون أن من يهدي إلى الحق أحقُّ أن يتبع من الذي لا يهتدي إلى شيء، إلا أن يهديه إليه هادٍ غيره، فتتركوا اتّباع من لا يهتدي إلى شيء وعبادته، وتتبعوا من يهديكم في ظلمات البر والبحر، وتخلصوا له العبادة فتفردوه بها وحده، دون ما تشركونه فيها من آلهتكم وأوثانكم؟
{"ayah":"قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَاۤىِٕكُم مَّن یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ یَهۡدِی لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن یُتَّبَعَ أَمَّن لَّا یَهِدِّیۤ إِلَّاۤ أَن یُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











