الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لعباده: أيها الناس، لا تطلبوا الدنيا وزينتَها، فإن مصيرها إلى فناءٍ وزوالٍ، كما مصير النبات الذي ضربه الله لها مثلا إلى هلاكٍ وبَوَارٍ، ولكن اطلبوا الآخرة الباقية، ولها فاعملوا، وما عند الله فالتمسوا بطاعته، فإن الله يدعوكم إلى داره، وهي جناته التي أعدَّها لأوليائه، تسلموا من الهموم والأحزان فيها، وتأمنوا من فناء ما فيها من النَّعيم والكرامة التي أعدَّها لمن دخلها، وهو يهدي من يشاء من خلقه فيوفقه لإصابة الطريق المستقيم، وهو الإسلام الذي جعله جل ثناؤه سببًا للوصول إلى رضاه، وطريقًا لمن ركبه وسلك فيه إلى جِنانه وكرامته، [[انظر تفسير " الهداية " و " الصراط المستقيم " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) ، (سرط) ، (قوم) .]] كما:- ١٧٦٠٤- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: "الله"، السلام، ودارُه الجنة. ١٧٦٠٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿والله يدعو إلى دار السلام﴾ ، قال: "الله" هو السلام، ودارُه الجنة. ١٧٦٠٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن النبي ﷺ قال، قيل لي: "لتنم عينُك، وليعقِل قلبك، ولتسمع أُذُنك" فنامت عيني، وعقل قلبي، وسمعت أذني. ثم قيل: " سيّدٌ بنى دارًا، ثم صنع مأدُبة، ثم أرسل داعيا، فمن أجاب الداعي دخل الدار، وأكل من المأدبة، ورضي عنه السيد. ومن لم يجب الداعي، لم يدخل الدار، ولم يأكل من المأدبة، ولم يرضَ عنه السيد"، فالله السيد، والدار الإسلام، والمأدبة الجنة، والداعي محمد ﷺ". [[الأثر: ١٧٦٠٦ - " أبو قلابة "، هو: " عبد الله بن زيد الجرمي "، أحد أعلام التابعين، مضى مرارًا. فهذا خبر " مرسل "، وسيأتي نحوه متصلا في تخريج الأثر رقم: ١٧٦٠٩.]] ١٧٦٠٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ ، ذكر لنا أن في التوراة مكتوبًا:" يا باغي الخير هلمّ، ويا باغي الشرِّ انتَهِ". ١٧٦٠٨- حدثني الحسين بن سلمة بن أبي كبشة قال، حدثنا عبد الملك بن عمرو قال، حدثنا عباد بن راشد، عن قتادة قال، حدثني خُلَيد العَصَريّ، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ: ما من يوم طلعت فيه شمسه إلا وبجَنَبَتَيْها ملكان يناديان، يسمعُه خلق الله كلهم إلا الثَّقلين [[" الجنبة " (بفتح الجيم والنون، وبفتحها وإسكان النون) الناحية، ورواة الحديث يروون " الجنبة " فتحتين، وأهل اللغة يؤثرون سكون النون. ويستدلون على ذلك بقول أبي صعترة البولاني: فما نُطْفَةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تَقَاذَفَتْ ... به جَنْبَتَا الجُودِيِّ والليلُ دَامِسُ بِأَطْيَبِ مَنْ فِيهَا، وَمَا ذُقْتُ طَعْمَهُ، ... وَلكِنَّنِي فِيما تَرَى العَيْنُ فَارِسُ والذي رواه أهل الحديث جيد صحيح.]] : "يا أيها الناس هلمُّوا إلى ربِّكم، إنّ ما قلَّ وكفى خير مما كثر وأَلْهَى". قال: وأنزل ذلك في القرآن في قوله: ﴿والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ . [[الأثر: ١٧٦٠٨ - " الحسين بن سلمة بن إسماعيل بن يزيد بن أبي كبشة الأزدي الطحان "، شيخ الطبري، ثقة. روى عنه الترمذي وابن ماجه وغيرهما، مترجم في التهذيب، وأبي ابن حاتم ١ / ٢ / ٥٤. و " عبد الملك بن عمرو "، هو " أبو عامر العقدي "، ثقة، مضى مرارًا كثيرة، آخرها رقم: ١٢٧٩٥. و" عباد بن راشد التميمي "، ثقة وليس بالقوي، روى له البخاري مقرونا بغيره، مضى برقم: ١١٠٦٠، ١٢٥٢٧. و" خليد بن عبد الله العصري "، روى عن أبي الدرداء، وقال ابن حبان في الثقات، وذكره: يقال إن هذا مولى لأبي الدرداء. وفرق البخاري في الكبير بين " خليد مولى أبي الدرداء "، و " خليد بن عبد الله العصري "، وكذلك ابن أبي حاتم. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ١ / ١٨١، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٣٨٣. وهذا خبر صحيح الإسناد، ورواه أحمد في مسنده مطولا ٥: ١٩٧، من طريق همام، عن قتادة، عن خليد العصري. وزيادته: " وَلَا آبَت شمس قَطُّ إلا بعث بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَان يُناديان، يُسْمِعان أهل الأرض إلا الثَّقلين: اللهمّ أعطِ مُنْفقًا خلفًا، وأعط مُمْسكًا تَلَفًا ". وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٣٠٤، مطولًا، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.]] ١٧٦٠٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله ﷺ يومًا فقال: إني رأيت في المنام كأنَّ جبريل عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلا! فقال: اسْمَع سمعتْ أُذنك، واعقل عَقَل قلبك، إنما مَثَلك ومَثَل أمتك، كمثل ملك اتخذ دارًا، ثم بنى فيها بيتًا، ثم جعل فيها مأدُبة، ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول، ومنهم من تركه. فالله الملك، والدار الإسلام، والبيتُ الجنَّة، وأنت يا محمد الرسولُ، من أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل ما فيها. [[الأثر: ١٧٠٦٩ - " خالد بن يزيد الجمحي المصري " ثقة مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٣٣٧٧. و"سعيد بن أبي هلال الليثي المصري "، ثقة، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٧٤٢٩، روايته عن جابر مرسلة، وحديثه عن جابر أورده البخاري معلقًا، متابعة. وفي الترمذي: " سعيد بن أبي هلال، لم يدرك جابرًا ". فهذا خبر مرسل عن جابر، وصله الحاكم في المستدرك ٢: ٣٣٨ من طريق " عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال قال: سمعت أبا جعفر محمد بن على بن الحسين، وتلا هذه الآية: " والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" فقال: حدثني جابر بن عبد الله "، ثم قال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ". وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٣٠٤، وزاد نسبته إلى ابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، بمثل لفظ الحاكم وإسناده. وكان في المطبوعة: " أكل منها "، وهو موافق لما في سائر المراجع، وأثبت ما في المخطوطة، لأنه واضح لا إشكال في قراءته، ولا في معناه.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب