الباحث القرآني
قوله تعالى وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ، قال في رواية الكلبي: نزلت الآية في شأن حاطب بن أبي بلتعة، كان له مال في الشام فجهد بذلك جهداً شديداً، فحلف بالله لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ، يعني: المال الذي بالشام، لَنَصَّدَّقَنَّ منه ولأؤدين حق الله منه، فلم يفعل لمَّا أعطاه الله تعالى المال. قال مقاتل: نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاري كان محتاجاً، فقال: لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فابتلاه الله تعالى فرزقه ذلك، وذلك أن مولى لعمر بن الخطاب قتل رجلاً من المنافقين خطأ، فدفع النبيّ ﷺ ديته إلى عصبته وهو ثعلبة، فبخل ومنع حق الله تعالى.
قال الفقيه: حدّثنا أبو الفضل بن أبي حفص قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال: حدثنا أسد بن موسى قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا معاذ بن رفاعة، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة: أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا. فقال ﷺ: «وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ، قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لا تُطِيقُهُ» . قال: ثم رجع إليه فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال: «ويحك يا ثعلبة، أمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِثْلِي؟ وَالله لَوْ سَأَلْتُ الله تَعَالَى أنْ يُسِيلَ عَلَيَّ الْجِبَالَ ذَهَباً وَفِضَّةً. لَسَالَتْ» . ثم رجع إليه ثالثا فقال: يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني مالا، فو الله لئن آتاني الله مالاً لأؤدين لكل ذي حق حقه. فقال رسول الله ﷺ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالاً» . فاتّخذ غنما فنمت حتى ضاقت بها أزقة المدينة، فتنحى بها وكان يشهد الصلوات مع رسول الله ﷺ ثم يخرج إليها، ثم نمت حتى تعذرت عليها مراعي المدينة، فتنحى بها، وكان يشهد الجمعة مع رسول الله ﷺ، ثم يخرج إليها، ثم نمت، فترك الجمعة والجماعات وجعل يتلقى الركبان ويقول: ماذا عندكم من الخبر؟ وما كان من أمر الناس؟ فأنزل الله تعالى على رسوله: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ [التوبة: 103] فاستعمل النبيّ ﷺ رجلين على الصدقات: رجلاً من الأنصار، ورجلاً من بني سليم، وكتب لهما كتاب الصدقة، وأمرهما أن يصدقا الناس، وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله. فأتيا ثعلبة وطلبا منه صدقة ماله فقال ثعلبة: صدِّقا الناس، فإذا فرغتما فمرا بي. ففعلا، فلما رجعا إليه وطلبا منه فأبى وقال: ما هذه إلا أخية الجزية. فانطلقا حتى أتيا إلى رسول الله ﷺ، فأنزل الله على رسوله [[عزاه السيوطي: 4/ 246 إلى الحسن بن سفيان وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والعسكري في الأمثال، والطبراني وابن مندة، والبارودي، وأبي نعيم في معرفة الصحابة.]] : وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ.
فركب رجل من الأنصار هو ابن عم لثعلبة راحلته حتى أتى ثعلبة فقال: ويحك يا ثعلبة هلكت، قَدْ أَنْزَلَ الله فِيكَ من القرآن كذا وكذا، فأقبل ثعلبة بن حاطب وجعل على رأسه التراب وهو يبكي ويقول: يا رسول الله، اقبض مني صدقة مالي. فلم يقبض منه صدقته حتى قبض الله تعالى رسوله، ثم أتى إلى أبي بكر فلم يقبل صدقته، ثم أتى إلى عمر فلم يقبل صدقته، ثم أتى إلى عثمان فلم يقبل صدقته، ومات في خلافة عثمان، فذلك قوله تعالى: فَلَمَّا آتاهُمْ يعني:
أعطاهم مِنْ فَضْلِهِ يعني: من المال بَخِلُوا بِهِ بمنع حق الله وَتَوَلَّوْا عن الصدقة وَهُمْ مُعْرِضُونَ لم يفوا بما قالوا.
قوله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ يقول جعل عاقبتهم إلى النفاق إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ يعني: يلقون الله، وهو يوم القيامة، بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ لقوله: لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وقال عبد الله بن مسعود: «اعتبروا المنافق بثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر» . ثم قرأ وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ إلى قوله وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ فقد ذكر الثلاثة في هذه الآية.
{"ayahs_start":75,"ayahs":["۞ وَمِنۡهُم مَّنۡ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ لَىِٕنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","فَلَمَّاۤ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُوا۟ بِهِۦ وَتَوَلَّوا۟ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ","فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقࣰا فِی قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ یَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَاۤ أَخۡلَفُوا۟ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا۟ یَكۡذِبُونَ"],"ayah":"فَلَمَّاۤ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُوا۟ بِهِۦ وَتَوَلَّوا۟ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق