الباحث القرآني

قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ وذلك أن بعض المنافقين استأذنوا رسول الله ﷺ بالتخلف عن الخروج إلى غزوة تبوك، ولم يكن لهم عذر، وأذن لهم رسول الله ﷺ فقال الله تعالى للنبي عليه السلام عَفَا اللَّهُ عَنْكَ يا محمد لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ وقال عون بن عبد الله: أخبره بالعفو قبل أن يخبره بالذنب. ويقال: إن النبي عليه السلام فعل فعلين قبل أن يؤذن له، فعاتبه الله تعالى على ذلك وعفا عنه، أحدهما: في فداء أسارى بدر، والثاني: في إذنه للمنافقين بالتخلف. فقال له: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ وَلم يعاقبك لم أذنت لهم في التخلف والقعود. قال الفقيه: سمعت من يذكر، عن أبي سعيد الفاريابي أنه قال: معناه عَفَا اللَّهُ عَنْكَ يا سليم القلب لم أذنت لهم، فيقال: إن الله تعالى إذا قال لعبده: لم فعلت كذا وكذا؟ يكون ذلك أشد عليه من الموت كذا وكذا مرةً، لهيبة قوله: لم فعلت كذا؟ ولو أنه بدأ للنبي ﷺ بقوله: لم أذنت لهم، لكان يخاف على النبي ﷺ أن ينشق قلبه من هيبة هذا الكلام. ألا إن الله تعالى برحمته أخبره بالعفو، حتى سكن قلبه، ثم قال لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ بالقعود عن الجهاد. حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا، يعني: معرفة الذين صدقوا بعذرهم وإيمانهم. وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ في عذرهم وإيمانهم ويقال: معناه، حتى يتبين لك المؤمن المخلص من المنافق. ثم بيّن له علامة المؤمنين والمنافقين، فقال الله تعالى: لاَ يَسْتَأْذِنُكَ، يعني: بغير عذر الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ يعني: صدّقوا بالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ في السر والعلانية أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ الله وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ، يعني: بالمؤمنين المخلصين. ثم ذكر علامة المنافقين فقال: إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ، يعني: في القعود عن الجهاد. الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، يعني: لا يصدقون في السر، وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ يعني: شكت قلوبهم ونافقت قلوبهم. فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ، يعني: في شكهم ونفاقهم يتحيرون ولا يتوبون ولا يرجعون عن ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب