الباحث القرآني

وهي تسع وعشرون آية مكية قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال أبو الليث رحمه الله حدثنا الحاكم أبو الفضل قال حدثنا محمد بن أحمد الكاتب المروزي حدثنا محمد بن حموية النيسابوري قال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: حدثنا هشام عن عبد الله عن يحيى بن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن عمر رضي الله عنهما- عن النبيّ ﷺ قال: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إليَّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَلْيَقْرَأْ إذَا الشَّمْسُ كُوِّرتْ» وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ يعني: ذهب ضوؤها وكذلك قال الضحاك وعكرمة يعني: اضمحلت وذهبت ويقال تكور كما تكور العمامة يعني: جُمِع ضوؤها ولُفَّ كما تُلف العمامة قوله تعالى: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ يعني: تناثرت وتساقطت وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ يعني: قُلعت عن الأرض وسُيِّرت في الهواء كقوله: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً [الكهف: 47] يعني: خالية ليس عليها شيء من الماء والشجر وغيرها ثم قال: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ يعني: النوق الحوامل عطّلها أربابها اشتغالاً بأنفسهم وواحدها: عشراء وهي الناقة التي أتت على حملها عشرة أشهر وهي في الحمل فلا يطلعها أهلها إلا في يوم القيامة وهذا على وجه المثل لأن في يوم القيامة لا يكون ناقة عشراء، ولكن أراد به المثل يعني: أن هول يوم القيامة بحال لو كان عند الرجل عشراء يعطلها واشتغل بنفسه ثم قال: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ يعني: جُمِعَتْ وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ يعني: ضجرت بعضها إلى بعض فصارت بحراً واحداً فملئت وكثر ماؤها كقوله: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) [الطور: 6] يعني: الممتلئ ويقال: سجرت أي أحميت بالكواكب إذا تساقطت وفيها قال ابن عباس إذا كان يوم القيامة كوَّر الله تعالى الشمس والقمر والنجوم في البحر ثم بعث الله تعالى ريحاً دبوراً فتنفخها فتصير ناراً وهو قوله: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ أي: أحميت. وقال قتادة: سجرت أي: غار ماؤها، وقال الزجاج وقد قيل إنه جعل مياهها ناراً يعذب بها الكفار فهذه الأشياء الست التي ذكرها قبل النفخة الأخيرة والتي ذكرها بعدها تكون بعد النفخة الأخيرة وهو قوله: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال الكلبي ومقاتل: يعني: نفوس المؤمنين قرنت بالحور العين ونفوس الكفار بالشياطين. وقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في قوله: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال الفاجر مع الفاجر والصالح مع الصالح وقال أبو العالية الرياحي قرنت الأجساد بالأرواح وقال القتبي الزوج القرين كقوله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصافات: 22] يعني: قرناءهم ثم قال: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ أي: قرنت نفوس الكفار بعضها ببعض والعرب تقول زوجت إبلي إذا قرنت بعضها ببعض ويقال: وإذا النفوس زوجت يعني: الأبرار مع الأبرار في زمرة والأشرار مع الأشرار في زمرة ثم قال: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ. وكان العرب إذا ولد لأحدهم ابنة دفنها حية وهي الموءودة فتسأل يوم القيامة بأي ذنب قتلك أبوك وإنما يكون السؤال على وجه التوبيخ لقائلها يوم القيامة لأن جوابها قتلت بغير ذنب وهو مثل قوله تعالى: يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ [المائدة: 116] وإنما سؤاله وجوابه تبكيت على من ادعى هذا عليه وقال عكرمة الموؤدة المدفونة، كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت فكانت أوان ولادتها حفرت حفرة فإن ولدت جارية رمت بها في الحفرة وإن ولدت غلاما حبسته وقرئ في الشاذ وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ يعني: المقتولة سئلت لأبويها بأي ذنب قتلتماني ولا ذنب لي قوله تعالى: وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ يعني تطايرت الصحف وهي الكتب التي فيها أعمال بني آدم، قرأ ابن كثير وأبو عمرو سجرت وسعرت مخففتين، ونشرت مشددة وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم سجرت وسعرت مشددتين ونشرت مخففة وقرأ حمزة والكسائي سجرت ونشرت مخففتين وسعرت مشددة فمن شددها فلتكثير ومن خففها فعلى غير التكثير قوله تعالى: وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ يعني: نزعت من أماكنها كما يكشف الغطاء عن الشيء يعني: كشفت عما فيها ثم قال عز وجل: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ يعني: للكافرين وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ قربت للمتقين فجواب هذه الأشياء قوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ يعني عند ذلك تعلم كل نفس ما عملت من خير أو شر وهذا كقوله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً [آل عمران: 30] الآية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب