الباحث القرآني

قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ، وذلك أن النبيّ ﷺ لما رأى كثرة المشركين، علم أنه لا قوة لهم إلا بالله، فدعا ربه فقال: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيعَادَ» . فَاسْتَجابَ له ربه ونزل إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ يقول: واذكروا إذ تسألون ربكم وتدعونه يوم بدر بالنصرة على عدوكم. فَاسْتَجابَ لَكُمْ، يعني: فأجابكم ربكم: أَنِّي مُمِدُّكُمْ، يعني: أزيدكم بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ، يعني: متتابعين بعضهم على إثر بعض. قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر مُرْدِفِينَ بالنصب، وقرأ الباقون بالكسر، وكلاهما يرجع إلى معنى واحد، وهو التتابع. وقال عكرمة: أمدهم يوم بدر بألف من الملائكة، ووعد لهم ثلاثة آلاف من الملائكة لغزوة بعدها بدعائه، وزاده ألفين، فذلك خمسة آلاف من الملائكة، ويقال: هذا كله كان في يوم بدر. ثم قال عز وجل: وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى يقول: وما أنزل الله الملائكة إلا للبشارة. وقال بعضهم: الملائكة لم يقاتلوا، وإنّما كانوا مبشرين. وروي عن ابن عباس أنه قال: «قاتلت الملائكة يوم بدر، ولم يقاتلوا يوم الأحزاب ولا يوم حنين» وَما جَعَلَهُ اللَّهُ، يعني: مدد الملائكة إِلَّا بُشْرى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ يعني: لتسكن إليه قلوبكم. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، يعني: ليس النصر بقلة العدد ولا بكثرة العدد، ولكن النصر من عند الله. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ عَزِيزٌ بالنقمة، حَكِيمٌ حكم بالنصرة للنبي ﷺ وللمؤمنين، والهزيمة للمشركين. قوله تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ، يقول: ألقى عليكم النوم أَمَنَةً مِنْهُ، يعني: أمناً من عند الله. وروى عاصم، عن ابن رزين، عن عبد الله بن مسعود قال: «النعاس عند القتال أمنة من الله، وهو في الصلاة من الشيطان» . قرأ نافع يُغَشِّيكُمُ بضم الياء وجزم الغين ونصب النعاس، ومعناه: يُغْشِيكُمْ الله النُّعَاسَ. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو يُغَشِّيكُمُ بالألف ونصب الياء وضم النعاسُ، يعني: أخذكم، النعاسُ وقرأ الباقون: بضم الياء وتشديد الشين ونصب النعاس ومعناه: يغشيكم الله النعاس أمنةً منه، والتشديد للمبالغة. ثم قال: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ مآء لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ، يعني: بالماء من الأحداث والجنابة، وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ، يعني: وسوسة الشيطان وكيده. وقال القتبي: أصل الرجز العذاب، كقوله تعالى: رِجْزاً مِنَ السَّماءِ [البقرة: 59] ثم سمي كيد الشيطان رجزاً، لأنه سبب للعذاب. ثم قال: وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ، يعني: يشدد قلوبكم بالنصرة منه عند القتال، وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ، يعني: لتستقر الأرجل على الرمل، حتى أمكنهم الوقوف عليه. ويقال: وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ في الحرب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب