الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ، يعني: صنيعهم كصنيع آل فرعون، ويقال: كأشباه آل فرعون في التكذيب والجحود، وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم الخالية. كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ، يعني: جحدوا بعذاب الله في الدنيا إنه غير نازل بهم، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ يعني: عاقبهم وأهلكهم بِذُنُوبِهِمْ وشركهم. ثم قال: إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ، يعني: قَوِيٌّ في أخذه، شَدِيدُ الْعِقابِ لمن عصاه. قوله تعالى: ذلِكَ العذاب الذي نزل بهم، بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ في الدين والنعم. فإذا غيّروا، غيّر الله عليهم ما بهم من النعمة وهذا قول الكلبي. وروى أسباط، عن السدي في قوله لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ قال: أنعم الله تعالى بمحمد ﷺ على أهل مكة وكفروا به، فنقله إلى الأنصار. ويقال: أطعمهم من جوع، وأمنهم من خوف، فلم يشكروا، فجعل لهم مكان الأمن الخوف، ومكان الرخاء الجوع. وهذا كقوله: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً إلى قوله فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ [النحل: 112] وقال الضحاك: ما عذب الله قوماً قط ولا سلبهم النعمة، ولا فرق بينهم وبين العافية، حتى كذبوا رسلهم، فلما فعلوا ذلك ألزمهم الذل وسلبهم العز، فذلك قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ثم قال: وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ سَمِيعٌ لمقالتهم، عَلِيمٌ بأفعالهم. ثم قال: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ في الهلاك. وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، يعني: بكفرهم، وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ يعني: فرعون لادعائه الربوبية، ولأنهم عبدوا غيري. وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ، يعني: مشركين. ومعناه: كصنيع آل فرعون وقد أعطاه الله تعالى الملك والعز في الدنيا، ولم يغير عليه تلك النعمة، حتى كذب بآيات الله، فغيَّر الله عليه النعمة وأهلكه مع قومه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب