الباحث القرآني

قوله تعالى: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ يعني: مسيرهم. ومعناه: أن خروجهم لما كان للشيطان، زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ يعني: مسيرهم. ومعناه: أن خروجهم لما كان للشيطان، زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وذلك أن أهل مكة لما وجدوا العير، أرادوا الرجوع إلى مكة، فأتاهم إبليس على صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني، فقال لهم: لا ترجعوا حتى تستأصلوهم، فإنكم كثير وعدوكم قليل. ثم قال: وَقالَ لاَ غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ، يعني: لا يطيقكم أحد لكثرتكم وقوتكم. وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ يعني: معين لكم، وهؤلاء بنو كنانة تأتيكم وهم على أثرى. فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ، يعني: اجتمع الجمعان، جمع المؤمنين وجمع المشركين، نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ يعني: راجعاً [[في النسخة «أ» : ورأى جبريل وراءه.]] وراءه فقال له الحارث بن هشام: أين ما ضمنت لنا؟ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ. فقال له الحارث: وهل ترى إلا جعاشيش أهل يثرب؟ والجعاشيش: جمع جعشوش، وهو الرجل الحقير الدميم القصير. فقال: إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ. قال ابن عباس: «خاف إبليس أن يأخذه جبريل أسيراً، فيعرفه الناس، فيراه الكفار فيعرفونه بعد ذلك، فلا يطيعونه، ولم يخف على نفسه الموت والقتل، لأنه كان يعلم أن له بقاء إلى يوم ينفخ فى الصور» . قال إبليس: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ أي: أرى جبريل معتجراً بردائه يقود الفرس، فلما تولى قالوا: هزم الناس سراقة، فسار سراقة بعد رجوعهم إلى مكة، وقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم. فقالوا له: ألم تأتنا يوم كذا وكذا؟ فحلف أنه لم يحضر، فلما أسلموا، علموا أنه كان إبليس. وقال مقاتل: لم يجتمع جمع قط منذ كانت الدنيا أكثر من يوم بدر، وذلك أن إبليس جاء بنفسه، وحضرت الشياطين، وحضر كفار الجن كلهم، وتسعمائة وخمسين من المشركين، وثلاثمائة وثلاثة عشر من المؤمنين، وتسعون من مؤمني الجن، وألفا من الملائكة. وروي عن الحسن البصري أنه كان إذا قرأ هذه السورة، كان يقول: «طوبى لجيش كان قائدهم رسول الله ﷺ، ومبارزهم أسد الله، وجهادهم طاعة الله، ومددهم ملائكة الله، وجاسوسهم أمين الله، وثوابهم رضوان الله» . قوله تعالى: إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، يعني شكا ونفاقاً. قال الحسن: هم قوم من المنافقين لم يشهدوا القتال يوم بدر، فسموا منافقين. وقال الضحاك: نزلت في عبد الله بن أبيّ وأصحابه ويقال: معناه إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وهم الذين فى قلوبهم مرض. قال ابن عباس: «نزلت الآية في الذين أسلموا بمكة وتخلفوا عن الهجرة، فأخرجهم أهل مكة إلى بدر كرهاً، فلما رأوا قلة المؤمنين ارتابوا ونافقوا، وقالوا لأهل مكة: غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ. وقاتلوا مع المشركين فقتل عامتهم» . يقول الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، يعني يثق بالله ولا يثق بغيره، فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ بالنقمة، حَكِيمٌ حكم الهزيمة على المشركين. فلما قتلوا ضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم، فنزل: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا، يعني: ولو ترى يا محمد إذ يتوفى الذين كفروا حين يقبض أرواحهم الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ عند قبض أرواحهم ويضربون، وَأَدْبارَهُمْ يعني: ويضربون ويقول لهم الملائكة يوم القيامة: ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ولم يذكر الجواب، لأن في الكلام دليلاً عليه، ومعناه: لو رأيت ذلك لرأيت أمراً عظيماً. قرأ ابن عامر إذ تتوفّى الذين بلفظ التأنيث، وقرأ الباقون يَتَوَفَّى بلفظ التذكير. وروي عن ابن مسعود أنه كان يُذَكِّر الملائكة في جميع القرآن، خلافاً للمشركين لقولهم: الملائكة بنات الله. ثم قال تعالى: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ، يعني ذلك العذاب بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ من الكفر والتكذيب وبترككم الإيمان. وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ يقول: لم يعذبهم بغير ذنب:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب