الباحث القرآني
ثم وعظهم ليعتبروا، فقال عز وجل: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ؟ يعني: ألم تنظروا فتعتبروا، كيف خلق الله تعالى سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً؟ يعني: مطبقاً بعضها فوق بعض.
وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً يعني: ضياءً لبني آدم. وإنما قال: فِيهِنَّ أراد به سماء الدنيا، لأنها إحداهن. وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً يعني: نوراً للخلق ويقال: جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً يعني: في جميع السموات، لأن إحداهن مضيء لأهل السموات وظهره لأهل الأرض ويقال: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً يعني: معهن نوراً.
ثم قال عز وجل: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً يعني: خلقكم في الأرض خلقاً.
ويقال: يعني: خلقكم من الأرض وهو آدم- عليه السلام- وأنتم من ذريته. ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها يعني: بعد الموت. وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً يعني: يخرجكم من الأرض يوم القيامة- قوله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً يعني: فراشاً، لِتَسْلُكُوا مِنْها يعني: فتمضوا فيها وتأخذوا فيها سُبُلًا فِجاجاً يعني: طرقاً بين الجبال والرمال ويقال: طرقاً واسعة.
قوله تعالى: قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي فيما أمرتهم من توحيد الله تعالى، وَاتَّبَعُوا يعني: أطاعوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ يعني: أطاعوا من لم يزده ماله يعني: كثرة أمواله وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً أي: خسراناً في الآخرة. وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً يعني: مكراً عظيماً ويقال: مكروا مكراً كبيراً يعني: قالوا كلمة الشرك. والكبير والكبار بمعنى واحد. وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ يعني: قال بعضهم لبعض: ويقال: قال الرؤساء للسفلة: لا تذرن، يعني: لا تتركوا عبادة آلهتكم. وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً، فهذه أسماء الأصنام التي كانوا يعبدونها يعني: لا تتركوا عبادة هذه الأصنام- قرأ نافع وُدّاً بضم الواو، والباقون بالنصب، ومعناهما واحد. وهو اسم الصنم، وقال قتادة: هذه الآلهة كان يعبدها قوم نوح، ثم عبدها العرب بعد ذلك. وقال القتبي الود صنم، ومنه كانت العرب تسمى «عبد ود» ، وكذلك تسمي «عبد يغوث» .
ثم قال: وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً يعني: هذه الأصنام أضلوا كثيراً من الناس، يعني: ضلوا بهن كثيراً من الناس، كقوله: إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من الناس. ثم قال: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا يعني: خساراً وغبناً.
ثم قال عز وجل: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا يعني: بشركهم بالله تعالى أُغرقوا في الدنيا.
فَأُدْخِلُوا نَاراً في الآخرة. قال مقاتل: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا بخطياتهم وقال القتبي:
(بما خطياتهم أغرقوا) يعني: من خطيئاتهم أغرقوا، والميم زيادة. ثم قال: فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً يعني: أعواناً يمنعونهم من العذاب. قرأ أبو عمرو خَطاياهُمْ، والباقون خَطِيئاتِهِمْ ومعناهما واحد، وهو جمع خطيئة.
قوله تعالى: وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً يعني: لا تدع على ظهر الارض من الكافرين ديارا، يعني: أحداً منهم ويقال: أصله من الدار يعني: نازلاً بها، ويقال: في الدار أحد وما بها ديار وأصله ديوار، فقلبت الواو ياء ثم شددت وأدغمت الياء في الياء. ثم قال عز وجل: إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ يعني: إنك إن تتركهم ولم تهلكهم، يدعوا الموحدين إلى الكفر. وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً يعني: يكون منهم الأولاد، يكفرون ويفجرون بعد البلوغ ويقال: يعني: ولا يلدوا إلا أن يكونوا فجاراً كفاراً. وهذا كما قال النبي ﷺ: «الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ» .
ثم قال عز وجل: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً يعني: سفينتي وديني. وقال الكلبي: وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً يعني: مسجدي. وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً يعني: لا تزد الكافرين إلا هلاكاً، كقوله: تَبَّرْنا تَتْبِيراً. وروى عكرمة، عن ابن عباس- رضي الله عنه- كان إذا قرأ القرآن في الليل، فمر بآية فيقول لي: يا عكرمة ذكرني عند هذه الآية غداً. فقرأ ذات ليلة هذه الآية، فقال: يا عكرمة، ذكرني غداً.
فذكرته ذلك، فقال: إن نوحاً دعا بهلاك الكافرين، ودعا للمؤمنين بالمغفرة، وقد استجيب دعاؤه في المؤمنين، فيغفر الله تعالى للمؤمنين والمؤمنات بدعائه، وبهلاك الكافرين فأهلكوا.
وروي عن بعض أصحاب النبيّ ﷺ أنه قال: «نَجَاةُ المُؤْمِنِينَ فِي ثَلاَثَةِ أشْيَاءٍ: بِدُعَاءِ نُوْحٍ- عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَبِدُعَاءِ إِسْحَاقَ- عليه السلام- وَبِشَفَاعَةِ محمّد ﷺ» يعني: للمؤمنين والله أعلم.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَوۡا۟ كَیۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰتࣲ طِبَاقࣰا","وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِیهِنَّ نُورࣰا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجࣰا","وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتࣰا","ثُمَّ یُعِیدُكُمۡ فِیهَا وَیُخۡرِجُكُمۡ إِخۡرَاجࣰا","وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطࣰا","لِّتَسۡلُكُوا۟ مِنۡهَا سُبُلࣰا فِجَاجࣰا","قَالَ نُوحࣱ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِی وَٱتَّبَعُوا۟ مَن لَّمۡ یَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥۤ إِلَّا خَسَارࣰا","وَمَكَرُوا۟ مَكۡرࣰا كُبَّارࣰا","وَقَالُوا۟ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدࣰّا وَلَا سُوَاعࣰا وَلَا یَغُوثَ وَیَعُوقَ وَنَسۡرࣰا","وَقَدۡ أَضَلُّوا۟ كَثِیرࣰاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِینَ إِلَّا ضَلَـٰلࣰا","مِّمَّا خَطِیۤـَٔـٰتِهِمۡ أُغۡرِقُوا۟ فَأُدۡخِلُوا۟ نَارࣰا فَلَمۡ یَجِدُوا۟ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارࣰا","وَقَالَ نُوحࣱ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ دَیَّارًا","إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ یُضِلُّوا۟ عِبَادَكَ وَلَا یَلِدُوۤا۟ إِلَّا فَاجِرࣰا كَفَّارࣰا","رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیَّ وَلِمَن دَخَلَ بَیۡتِیَ مُؤۡمِنࣰا وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِینَ إِلَّا تَبَارَۢا"],"ayah":"قَالَ نُوحࣱ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِی وَٱتَّبَعُوا۟ مَن لَّمۡ یَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥۤ إِلَّا خَسَارࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق