الباحث القرآني
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ يعني: اطرح عصاك إلى الأرض فألقى عَصَاهُ من يده فصارت حية أعظم من جميع حياتهم فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ يعني: تلتقم وتأكل جميع ما جاءوا به من الكذب والسحر. قرأ عاصم في رواية حفص تَلْقَفْ بجزم اللام والتخفيف. وقرأ الباقون بنصب اللام وتشديد القاف، ومعناهما واحد.
ثم إن الحية قصدت إلى فرعون، فنادى موسى فأخذها، فإذا هي عصا على حالها فنظرت السحرة فإذا حبالهم وعصيهم قد ذهبت فَوَقَعَ الْحَقُّ أي استبان الحق وظهر أنه ليس بسحر وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من السحر أي: ذهب وهلك واضمحل فَغُلِبُوا هُنالِكَ أي وغَلَب موسى السحرة عند ذلك وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ يعني: رجعوا ذليلين.
قالوا: لو كان هذا سحراً فأين صارت حبالنا وعصينا. ولو كانت سحراً لبقيت حبالنا وعصينا وهذا من الله تعالى وليس بسحر. فآمنوا بموسى. قوله تعالى: وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ يعني: خروا ساجدين لله تعالى. قال الأخفش: من سرعة ما سجدوا كأنهم ألقوا.
ويقال: وفّقهم الله تعالى للسجود قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ فقال لهم فرعون: إياي تعنون.
فأراد أن يلبس على قومه فقالوا: رَبِّ مُوسى وَهارُونَ فقدم فرعون لما سألهم، لأن بعض الناس كانوا يظنون عند مقالتهم رب العالمين أنهم أرادوا به فرعون. فلما سألهم فرعون وقالوا:
برب موسى وهارون، ظهر عند جميع الناس أنهم لم يريدوا به فرعون، وإنما أرادوا به الإيمان بموسى وبرب العالمين.
قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ يعني: صدقتم بموسى قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ يعني: قبل أن آمركم بالإيمان بموسى. قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر آمنتم. وقرأ الباقون بغير مد بهمزتين ومعناهما واحد ويكون استفهاماً. إلا عاصم في رواية حفص قرأ آمنتم بهمزة واحدة بغير مد على وجه الخبر.
إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ يعني: صنعاً صنعتموه فيما بينكم وبين موسى في المدينة لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها يعني: إنكم أردتم أن تخرجوا الناس من مصر بسحركم.
ثم قال لهم: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ يعني: تعلمون ماذا أفعل بكم لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ يعني: اليد اليمنى والرجل اليسرى ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ على شاطئ نهر مصر قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ أي: لا نبالي من عقوبتك وفعلك فإن مرجعنا إلى الله تعالى يوم القيامة.
قال تعالى: وَما تَنْقِمُ مِنَّا يعني: وما تعيب علينا، وما تنكر منا إلا إيماننا بالله تعالى.
ويقال: وما نقمتك علينا ولم يكن منا ذنب إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا يعني: لما ظهر عندنا أنه حق. ثم سألوا الله تعالى الصبر على ما يصيبهم لكي لا يرجعوا عن دينهم فقالوا:
رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً يعني: أنزل علينا صبراً عند القطع والصلب، ومعناه: ارزقنا الصبر وثبت قلوبنا حتى لا نرجع كفاراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ على دين موسى. وروي عن عبيد الله بن عمير أنه قال: كانت السحرة أول النهار كفاراً فجرة، وآخر النهار شهداء بررة. وقال بعض الحكماء: إن سحرة فرعون كانوا كفروا خمسين سنة فغفر لهم بإقرار واحد وبسجدة فكيف بالذي أقر وسجد خمسين سنة كيف لا يرجو رحمته ومغفرته؟.
قوله تعالى وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ يعني:
إن السحرة قد آمنوا به فلو تركتهما يؤمن بهما جميع أهل مصر، فيفسدوا في الأرض يعني:
موسى وقومه ويغيروا عليك دينك في أرض مصر وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ وذلك أن فرعون كان قد جعل لقومه أصناماً يعبدونها، وكان يقول لهم هؤلاء أربابكم الصغار، وأنا ربكم الأعلى. فذلك قوله تعالى: وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ يعني: يدعك ويدع أصنامك التي أمرت بعبادتها. وروي عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان يقرأ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ يعني: عبادتك وتعبدك. قال ابن عباس: كان فرعون يُعْبد ولا يَعْبُد. ويقال: معنى قوله: أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ يعني: يغلبوا عليكم، ويقتلون أبناءكم، ويستحيون نساءكم كما فعلتم بهم كما قال في آية أخرى إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ [غافر: 26] فقال لهم فرعون: سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ لأنهم قد كانوا تركوا قتل الأبناء، فأمرهم أن يرجعوا إلى ذلك الفعل. قرأ ابن كثير ونافع سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ بجزم القاف والتخفيف. وقرأ الباقون بالتشديد على معنى التكثير والمبالغة في القتل.
ثم قال: وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ أي: مسلطون فشكت بنو إسرائيل إلى موسى:
{"ayahs_start":117,"ayahs":["۞ وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ","فَوَقَعَ ٱلۡحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","فَغُلِبُوا۟ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُوا۟ صَـٰغِرِینَ","وَأُلۡقِیَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِینَ","قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ","قَالَ فِرۡعَوۡنُ ءَامَنتُم بِهِۦ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكۡرࣱ مَّكَرۡتُمُوهُ فِی ٱلۡمَدِینَةِ لِتُخۡرِجُوا۟ مِنۡهَاۤ أَهۡلَهَاۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ","لَأُقَطِّعَنَّ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَـٰفࣲ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِینَ","قَالُوۤا۟ إِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ","وَمَا تَنقِمُ مِنَّاۤ إِلَّاۤ أَنۡ ءَامَنَّا بِـَٔایَـٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاۤءَتۡنَاۚ رَبَّنَاۤ أَفۡرِغۡ عَلَیۡنَا صَبۡرࣰا وَتَوَفَّنَا مُسۡلِمِینَ","وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِیُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَیَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبۡنَاۤءَهُمۡ وَنَسۡتَحۡیِۦ نِسَاۤءَهُمۡ وَإِنَّا فَوۡقَهُمۡ قَـٰهِرُونَ"],"ayah":"۞ وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق