الباحث القرآني
فقال عز وجل: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يعني: في الآخرة جَنَّاتِ النَّعِيمِ. فلما ذكر الله تعالى نعيم الجنة، قال عتبة بن ربيعة: إن كان كما يقول محمد ﷺ، فإن لنا في الآخرة أكثر ما للمسلمين، لأن فضلنا وشرفنا أكثر، فنزل: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ يعني: لا يكون حال المسلمين في الهوان والذل كالمشركين. مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ يعني: وَيْحَكم كيف تقضون بالجَوْر؟ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ؟ يعني: ألكم كتاب تقرؤون فيه؟ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ يعني: في الكتاب مما تتمنون. أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ؟ يعني: ألكم عهد عندنا وثيق؟ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ. يعني: في يوم القيامة. إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ يعني:
ما تقضون لأنفسكم في الآخرة؟.
قوله تعالى: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ يعني: أيهم كفيل لهم بذلك؟ ثم قال: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ؟ يعني: شهداء يشهدون أن الذي قالوا لهم حق. فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ يعني: يشهدون أن لهم في الآخرة ما للمسلمين، فهذا كله لفظ الاستفهام، والمراد به الزجر واليأس، يعني: ليس لهم ذلك.
قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ يعني: اذكر ذلك اليوم. ويقال: معناه إن الثواب والعقاب. الذي ذكر، في يوم يكشف عن ساق. قال ابن عباس: يعني: يظهر قيام الساعة.
وروى سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس قال: عَنْ ساقٍ يعني: عن أمر عظيم، وقال مجاهد: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ عن بلاء عظيم، وقال قتادة: يكشف الأمر عن شدة الأمر.
وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا ابن منيع: حدثنا هدبة حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمارة القرشي، عن أبي بردة بن أبي موسى قال: حدثنا أبي قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مُثِّلَ لِكُلِّ قَوْمٍ ما كانوا يعبدون في الدُّنْيَا، فَذَهَبَ كُلُّ قَوْمٍ إلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا، وَيَبْقَى أَهْلُ التَّوْحِيدِ فِيُقَالُ لَهُمْ: كِيْفَ بَقِيْتُمْ، وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: إنَّ لَنَا رَبّاً كُنّا نَعْبُدُهُ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ نَرَهُ قَالَ أَوَ تَعْرِفُونَهُ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُمْ: وَكَيْفَ تَعْرِفُونَه وَلَمْ تَرَوْهُ؟
قَالُوا: لا شَبَهَ لَهُ. فَيُكْشفُ لَهُمُ الحِجَابُ، فَيَنْظُرُونَ إلَى الله تَعَالَى، فَيَخرُّونَ لَهُ سُجّداً، وَيَبْقَى أقْوَامٌ ظُهُورُهُمْ مِثْلَ صِيَاصِي البَقَرِ، فَيُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ. فَيَقُولُ الله تَعَالَى عِبَادِي ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ، قَدْ جَعَلْتُ بَدَلَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ رَجُلاً مِنَ اليَهُودِ والنَّصَارَى فِي النَّارِ» .
قال أبو بردة: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز، فقال: والله الذي لا إله إلا هو، أحدثك أبوك بهذا الحديث؟ فحلفت له ثلاثة أيمان، فقال عمر: ما سمعت في أهل التوحيد حديثاً هو أحب إلي من هذا الحديث.
وقال القتبي: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ هذا من الاستعارة، فسمى الشدة ساقاً، لأن الرجل إذا وقع في الشدة، شمَّر عن ساقه، فاستعيرت في موضع الشدة. ويقال: يكشف ما كان خفياً. ويقال: يبدؤون عن أمر شديد، وهو عذاب عظيم يوم القيامة.
ثم قال عز وجل: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ يعني: ذليلة أبصارهم، تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ يعني:
تغشاهم وتعلوهم كآبة وكشوف وسواد وذلك أن المسلمين، إذا رفعوا رؤوسهم من السجود، صارت وجوههم بيضاء كالثلج. فلما نظر اليهود والنصارى والمنافقون، وهم عجزوا عن السجود، حزنوا واغتموا فسودت وجوههم. ثم بَيَّنَ المعنى الذي عجزهم عن السجود، فقال:
وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ يعني: يدعون إلى السجود في الدنيا وهم أصحاء معافون، فلم يسجدوا.
{"ayahs_start":34,"ayahs":["إِنَّ لِلۡمُتَّقِینَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِیمِ","أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ كَٱلۡمُجۡرِمِینَ","مَا لَكُمۡ كَیۡفَ تَحۡكُمُونَ","أَمۡ لَكُمۡ كِتَـٰبࣱ فِیهِ تَدۡرُسُونَ","إِنَّ لَكُمۡ فِیهِ لَمَا تَخَیَّرُونَ","أَمۡ لَكُمۡ أَیۡمَـٰنٌ عَلَیۡنَا بَـٰلِغَةٌ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّ لَكُمۡ لَمَا تَحۡكُمُونَ","سَلۡهُمۡ أَیُّهُم بِذَ ٰلِكَ زَعِیمٌ","أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَاۤءُ فَلۡیَأۡتُوا۟ بِشُرَكَاۤىِٕهِمۡ إِن كَانُوا۟ صَـٰدِقِینَ","یَوۡمَ یُكۡشَفُ عَن سَاقࣲ وَیُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ","خَـٰشِعَةً أَبۡصَـٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةࣱۖ وَقَدۡ كَانُوا۟ یُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَـٰلِمُونَ"],"ayah":"سَلۡهُمۡ أَیُّهُم بِذَ ٰلِكَ زَعِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق