الباحث القرآني
ثم قال: إِنَّا بَلَوْناهُمْ يعني: اختبرنا أهل مكة بترك الاستثناء ويقال: ابتليناهم بالجوع والشدة. ثم قال: كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ يعني: أهل ضيروان، وهي قبيلة باليمن. وروى أسباط، عن السدي قال: كان قوم باليمن وكان أبوهم رجلاً صالحاً، وكان إذا بلغ ثماره فأتاه المساكين، فلم يمنعهم من دخولها، وأن يأكلوا منها، وأن يتزودوا فيها. فلما مات أبوهم، قال بنوه بعضهم لبعض: على ما نعطي أموالنا هؤلاء المساكين؟ فقالوا: فلندع من يصرفها قبل أن يعلم المساكين. ولم يستثنوا فانطلقوا وهم يتخافتون، ويقول بعضهم لبعض خفياً: أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين فذلك قوله: إِذْ أَقْسَمُوا يعني: حلفوا فيما بينهم.
لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ يعني: ليُجدنَّها وقت الصبح، أي: ليقطعنها قبل أن يخرج المساكين.
وَلا يَسْتَثْنُونَ يعني: لم يقولوا: إن شاء الله تعالى.
وروي في الخبر: أن أباهم كان إذا أراد أن يصرم النخل، اجتمع هناك مساكين كثيرة.
وقد جعل له علامة، فكل ثمرة تسقط وراء العلامات، كانت للمساكين. فكانوا يأخذون الثمر قدر ما يتزودون به أياماً كثيرة. فلما مات الرجل، قال بنوه فيما بينهم: إن أبانا كان عياله أقل، وحاجته أقل فصار عيالنا أكثر. وحاجتنا أكثر فخرجوا بالليل، كي لا يشعر بهم المساكين، فاحترقت نخيلهم في تلك الليلة، فذلك قوله: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ يعني: بعث الله تعالى ناراً على حديقتهم بالليل. والطائف: الذي أتاك ليلاً فأحرقها وهم نائمون. مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ يعني: صارت الحديقة كالليل المظلم. وقال القتبي: الصريم: من أسماء الأضداد. يسمى الليل صريماً، والصبح صريماً، لأن الليل ينصرم عن النهار، والنهار ينصرم عن الليل. ويقال: الصريم يعني: ذهب ما فيها، فكأنه صرم أي قطع وجز.
ثم قال: فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ يعني: نادى بعضهم لبعض أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ يعني: اخرجوا بالغداة جذوا زروعكم وصرام نخيلكم. إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ يعني: إن أردتم أن تصرموها قبل أن يحضرها المساكين. فَانْطَلَقُوا يعني: ذهبوا إِلى نخيلهم، وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يعني: يتشاورون فيما بينهم بكلام خفي: أَنْ لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قال مقاتل: يعني: على جد في أنفسهم. قادِرِينَ على جنتهم وقال الزجاج: معناه على قصد، وقال القتبي: الحرد المنع، ويقال: الحرد القصد قادرين واجدين ويقال: على قوة ونشاط، ويقال: على طريق جنتهم، ويقال: الحرد اسم تلك الجنة.
فَلَمَّا رَأَوْها يعني: أتوها ورأوها مسودة، أنكروها. قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ يعني: أخطأنا الطريق، وليست هذه جنتنا. فلما تفحصوا وعملوا أنها جنتهم وأنها عقوبة لهم، فقالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ يعني: حُرِمْنا منفعتها. قالَ أَوْسَطُهُمْ يعني: أعدلهم وأعقلهم: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ يعني: هلا تستثنون في أيمانكم. ويقال: كان استثناؤهم التسبيح يعني:
لولا قلتم سبحان الله. فندموا على فعلهم. قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا يعني: نزهوه وعظموه تائبين عن ذنوبهم، ويقال: نستغفر ربنا. إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ يعني: ضارين بأنفسنا بمنعنا المساكين.
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ يعني: جعل يلوم بعضهم بعضاً لصنيعهم ذلك، ثم قالُوا بأجمعهم: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ يعني: عاصين بمنعنا المساكين. ثم قالوا:
عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها يعني: يعوضنا خيراً منها في الجنة. إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ يعني: راجين مما عنده. قال الله تعالى: كَذلِكَ الْعَذابُ يعني: هكذا عذاب الدنيا لمن منع حق الله تعالى. وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لمن لم يتب ولم يرجع عن ذنبه. ويقال: هكذا العذاب في الدنيا لأهل مكة بالجوع، ولعذاب الآخرة أعظم. لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ يعني: لو كانوا يفقهون. ويقال: لو كانوا يصدقون، ثم ذكر ما للمتقين من الثواب.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["إِنَّا بَلَوۡنَـٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَاۤ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُوا۟ لَیَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِینَ","وَلَا یَسۡتَثۡنُونَ","فَطَافَ عَلَیۡهَا طَاۤىِٕفࣱ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَاۤىِٕمُونَ","فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِیمِ","فَتَنَادَوۡا۟ مُصۡبِحِینَ","أَنِ ٱغۡدُوا۟ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰرِمِینَ","فَٱنطَلَقُوا۟ وَهُمۡ یَتَخَـٰفَتُونَ","أَن لَّا یَدۡخُلَنَّهَا ٱلۡیَوۡمَ عَلَیۡكُم مِّسۡكِینࣱ","وَغَدَوۡا۟ عَلَىٰ حَرۡدࣲ قَـٰدِرِینَ","فَلَمَّا رَأَوۡهَا قَالُوۤا۟ إِنَّا لَضَاۤلُّونَ","بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ","قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ","قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَ رَبِّنَاۤ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِینَ","فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ یَتَلَـٰوَمُونَ","قَالُوا۟ یَـٰوَیۡلَنَاۤ إِنَّا كُنَّا طَـٰغِینَ","عَسَىٰ رَبُّنَاۤ أَن یُبۡدِلَنَا خَیۡرࣰا مِّنۡهَاۤ إِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا رَ ٰغِبُونَ","كَذَ ٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ یَتَلَـٰوَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











