الباحث القرآني
قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ يعني: فكم من أهل قرية قرأ ابن كثير وَكَأَيِّنْ بغير الألف، والباقون بغير مد مع تشديد الياء، وهما لغتان ومعناهما واحد، يعني: وكم من قرية.
عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها يعني: أبت وعصت عن أمر ربها يعني: عن طاعة ربها. قال مقاتل: عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها يعني: خالفت وعصت وقال الكلبي: العتو المعصية. وقال أهل اللغة:
العتو مجاوزة الحد في المعصية. ثم قال: وَرُسُلِهِ يعني: عن طاعة رسول الله ﷺ.
فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً يعني: جازاها الله بعملها. ويقال: حاسبناها في الآخرة حِساباً شَدِيداً. وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً يعني: عذاباً منكراً، على معنى التقديم يعني: عذبناها في الدنيا عذاباً شديداً، وحاسبناها في الآخرة حساباً شديداً. ويقال: وحاسبناها يعني: في الدنيا يعني: جازيناها وخذلناها وحرمناها. ثم قال عز وجل: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها يعني: جزاء ذنبها. وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً يعني: أهل القرية، يعني: أن آخر أمرهم صار إلى الخسران والندامة.
ثم قال: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً يعني: ما أصابهم في الدنيا لم يكن كفارة لذنوبهم، ولكن مع ما أصابهم في الدنيا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً في الآخرة، لأنهم لم يرجعوا عن كفرهم. ثم أمر المؤمنين بأن يعتبروا بهم، ويثبتوا على إيمانهم، فقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ يعني: اخشوا الله وأطيعوه يا ذوي العقول من الناس. الَّذِينَ آمَنُوا بالله يعني: الذين صدقوا بالله ورسوله. قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً يعني: كتاباً. ويقال: شرفاً وعزاً وهو القرآن. ثم قال: رَسُولًا يعني: أرسل إليكم رسولاً، يَتْلُوا عَلَيْكُمْ يعني: يقرأ عليكم ويعرض عليكم. ويقال: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا، يعني: كتاباً مع رسوله، ليتلو عليكم يعني: يقرأ عليكم آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ يعني: واضحات. ويقال: بيّن فيه الحلال والحرام. لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني: الذين صدقوا بتوحيد الله وطاعته وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني: الطاعات مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ يعني: من الجهالة إلى البيان. ويقال: لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا اللفظ لفظ المستقبل، والمراد به الماضي يعني: أخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور، يعني: من الكفر إلى الإيمان ويقال: هو المستقبل يعني:
يخرجهم من الشبهات والجهالات إلى الدلالات والبراهين ويقال: ليدعو النبيّ ﷺ، ليخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان من قدرة الله الإيمان في سابق علمه.
ثم قال عز وجل: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يعني: يصدق بالله. ويقال: يثبت على الإيمان، وَيَعْمَلْ صالِحاً يعني: فرائض الله وسنن الرسول ﷺ. يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. قرأ نافع، وابن عامر: ندخله بالنون، والباقون بالياء يعني: يدخله الله تعالى في الآخرة. خالِدِينَ فِيها يعني: مقيمين في الجنة دائمين فيها. أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً يعني: أعد الله له ثواباً في الجنة.
ثم قال عز وجل: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يعني: خلق سبع أرضين مثل عدد السماوات. يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ يعني: ينزل الوحي من السموات. ويقال: في كل سماء، وفي كل أرض أمره نافذ. وقال القتبي: الأمر، على وجوه الأمر أي القضاء، كقوله: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ [يونس: 3] ويعني: يقضي القضاء، وكقوله: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف: 54] أي: القضاء. والأمر: الدين، كقوله: وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ [الأنبياء: 93] وكقوله: وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ [التوبة: 48] أي: دين الله. والأمر: القول كقوله: يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ [الكهف: 21] أي قولهم الأمر: العذاب، كقوله: إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ [هود:
76] والأمر: القيامة، كقوله: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل: 1] والأمر: الوحي، كقوله:
يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ [الطلاق: 12] يعني: الوحي. والأمر: الذنب، كقوله: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها [الطلاق: 9] أي: جزاء ذنبها. وأصل هذا كله واحد، لأن الأشياء كلها بأمر الله تعالى، فسميت الأشياء أموراً.
ثم قال: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يعني: يمكنكم أن تعلموا أن الله على كل شىء قدير. وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً يعني: أحاط علمه بكل شيء. وروى معمر، عن قتادة في قوله: سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ قال: في كل سماء، وفي كل أرض من أرضه، وخلق من خلقه وأمر من أموره، وقضاء من قضائه سبحانه وتعالى.
{"ayahs_start":8,"ayahs":["وَكَأَیِّن مِّن قَرۡیَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَـٰهَا حِسَابࣰا شَدِیدࣰا وَعَذَّبۡنَـٰهَا عَذَابࣰا نُّكۡرࣰا","فَذَاقَتۡ وَبَالَ أَمۡرِهَا وَكَانَ عَـٰقِبَةُ أَمۡرِهَا خُسۡرًا","أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۚ قَدۡ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَیۡكُمۡ ذِكۡرࣰا","رَّسُولࣰا یَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ مُبَیِّنَـٰتࣲ لِّیُخۡرِجَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن یُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَیَعۡمَلۡ صَـٰلِحࣰا یُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا","ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰتࣲ وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ یَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَیۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عِلۡمَۢا"],"ayah":"ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰتࣲ وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ یَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَیۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عِلۡمَۢا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق