وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ يعني: يقبض أرواحكم في منامكم وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ يعني: ما كسبتم من خير أو شر بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ يعني: من النوم في النهار ويرد إليكم أرواحكم لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى يعني: ليتم أجلكم وتأكلون رزقكم إلى آخر العمر. قال بعضهم: إذا نام الإنسان تخرج منه روحه كما روي في الخبر «الأَرْواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَة فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ» يعني: الأرواح إذا تعارفت وقعت الألفة بين الأبدان. وإذا لم تتعارف الأرواح تناكرت الأبدان وقال: إن الروح إذا خرجت في المنام من البدن يبقى فيه الحياة، فلهذا تكون فيه الحركة والنفس. وإذا انقضى عمره خرجت روحه وتنقطع حياته، وصار ميتاً لا يتحرك، ولا يتنفس. فإن قيل: لو خرجت روحه فكيف لا يتوجع لخروجه إذا نام؟ قيل: لأنه يخرج بطيبة نفسه، ويعلم أنه يعود. وأما إذا انقطع عمره خرج بالكره، فتوجع له. وقال بعضهم: لا تخرج منه الروح، ولكن يخرج منه الذهن. وهو الذي يسمى بالفارسية روان وقال بعضهم: إنما هو ثقل يدخل في نفسه، وهو سبب لراحة البدن وغذائه كقوله:
وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً [النبأ: 9] أي: راحة ويقال: هذا أمر لا يعرف حقيقته إلا الله تعالى، وهذا أصح الأقاويل.
وقوله تعالى: ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ يعني: مصيركم في الآخرة ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من خير أو شر فيجازيكم بذلك.
وقوله تعالى:
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی یَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّیۡلِ وَیَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ یَبۡعَثُكُمۡ فِیهِ لِیُقۡضَىٰۤ أَجَلࣱ مُّسَمࣰّىۖ ثُمَّ إِلَیۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ ثُمَّ یُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}