الباحث القرآني
فقال عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يعني: منافقي المدينة. يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ يعني: من بني النضير. لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً يعني: ولا نطيع محمدا ﷺ في خذلانكم. وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ يعني:
لنعينكم. وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في مقالتهم، وإنما قالوا ذلك بلسانهم في غير حقيقة قلوبهم، فقال الله تعالى: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ يعني: لئن أخرج بنو النضير، لا يخرج المنافقين معهم. وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ يعني: لا يمنعونهم من ذلك. وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ يعني: ولو أعانوهم لا يثبتون على ذلك وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ يعني: رجعوا منهزمين. ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ، ثم لا يثبتون يعني: لا يُمْنَعون من الهزيمة.
ثم قال عز وجل: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً يعني: أنتم يا معشر المسلمين أشد رهبة فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ، يعني: خوفهم منكم أشد مِنْ عَذَابِ الله في الآخرة. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ، يعني: لا يعقلون أمر الله تعالى.
ثم أخبر عن ضعف اليهود في الحرب، فقال عز وجل: لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً، يعني:
لا يخرجون إلى الصحراء لقتالكم. إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ، يعني: حصينة أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ، يعني: يقاتلونكم من وراء جدر، فحذف الألف وهو جمع الجدار. قرأ ابن كثير وأبو عمرو من وراء جدار بالألف، والباقون جُدُرٍ بحذف الألف وهو جماعة وممن قرأ جدار، فهو واحد يريد به الجمع. ثم قال: بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ، يعني: قتالهم فيما بينهم إذا اقتتلوا شديد، وأما مع المؤمنين فلا. ثم قال تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً، يعني: تظن أن المنافقين واليهود على أمر واحد وكلمتهم واحدة. وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى، يعني: قلوب اليهود مختلفة ولم يكونوا على كلمة واحدة. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ يعني: ذلك الاختلاف بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ يعني:
لا يعقلون أمر الله تعالى.
ثم ضرب لهم مثلا، فقال عز وجل: كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: مثل بني النضير مثل الذين من قبلهم، يعني: أهل بدر. قَرِيباً يعني: كان قتال بدر قبل ذلك بقريب، وهو مقدار سنتين أو نحو ذلك قريبا. ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ يعني: عقوبة ذنبهم وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني: عذابا شديدا في الآخرة ثم ضرب لهم مثلا آخر في الآخرة، وهو مثل المنافقين مع اليهود حين خذلوهم ولم يعينوهم. كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ يعني: برصيصا الراهب.
وروى عدي بن ثابت، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان في بني إسرائيل راهب عبد الله تعالى زمانا من الدهر، حتى كان يؤتى بالمجانين فيعودهم ويداويهم، فيبرءون على يديه. وأنه أتى بامرأة قد جنت وكان لها أخوة فأتوه بها، فكانت عنده، فلم يزل به الشيطان يزين له، حتى وقع عليها، فحملت. فلما استبان حملها، لم يزل به الشيطان يخوفه ويزين له، حتى قتلها ودفنها. ثم ذهب الشيطان إلى إخوتها في صورة رجل، حتى لقي أحدا من أخوتها، فأخبره بالذي فعل الراهب، وأنه دفنها في مكان كذا. فبلغ ذلك ملكهم، فسار الملك مع الناس، فأتوه فاستنزلوه من الصومعة فأقر لهم بالذي فعل، فأمر به، فصلب. فلما رفع على خشبة، تمثل له الشيطان، فقال: أنا الذي زينت لك هذا وألقيتك فيه، فهل لك أن تطيعني: فيما أقول لك، وأخلصك مما أنت فيه؟ فقال: نعم. قال: اسجد لي سجدة واحدة.
فسجد له، فذلك قوله: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ يعني: اسجد.
فَلَمَّا كَفَرَ يعني: سجد. قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ، قال ذلك على وجه الاستهزاء، كذلك المنافقون خذلوهم اليهود كما خذل الشيطان الراهب، فَكانَ عاقِبَتَهُما يعني: عاقبة الشيطان والراهب، أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها يعني: مقيمين فيها.
وكان ابن مسعود يقرأ خالدان فيها، وقراءة العامة بعده خالِدَيْنِ فِيها بالنصب. وإنما هو نصب على الحال. وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ يعني: الخلود في النار جزاء المنافقين والكافرين.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["۞ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ نَافَقُوا۟ یَقُولُونَ لِإِخۡوَ ٰنِهِمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَىِٕنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِیعُ فِیكُمۡ أَحَدًا أَبَدࣰا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ یَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ","لَىِٕنۡ أُخۡرِجُوا۟ لَا یَخۡرُجُونَ مَعَهُمۡ وَلَىِٕن قُوتِلُوا۟ لَا یَنصُرُونَهُمۡ وَلَىِٕن نَّصَرُوهُمۡ لَیُوَلُّنَّ ٱلۡأَدۡبَـٰرَ ثُمَّ لَا یُنصَرُونَ","لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةࣰ فِی صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ","لَا یُقَـٰتِلُونَكُمۡ جَمِیعًا إِلَّا فِی قُرࣰى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَاۤءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَیۡنَهُمۡ شَدِیدࣱۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِیعࣰا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَعۡقِلُونَ","كَمَثَلِ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَرِیبࣰاۖ ذَاقُوا۟ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ","كَمَثَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ إِذۡ قَالَ لِلۡإِنسَـٰنِ ٱكۡفُرۡ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّنكَ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","فَكَانَ عَـٰقِبَتَهُمَاۤ أَنَّهُمَا فِی ٱلنَّارِ خَـٰلِدَیۡنِ فِیهَاۚ وَذَ ٰلِكَ جَزَ ٰۤؤُا۟ ٱلظَّـٰلِمِینَ"],"ayah":"لَا یُقَـٰتِلُونَكُمۡ جَمِیعًا إِلَّا فِی قُرࣰى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَاۤءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَیۡنَهُمۡ شَدِیدࣱۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِیعࣰا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق