الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ يعني: لا يحب الذين يبخلون. يعني: يمسكون أموالهم، ولا يخرجون منها حق الله تعالى وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ويقال: الذين يَبْخَلُونَ. يعني: يكتمون صفة محمد ﷺ، وَيَأْمُرُونَ الناس بالبخل. يعني: يكتمون صفة النبيّ ﷺ ونعته. وَمَنْ يَتَوَلَّ يعني: يعرض عن النفقة. ويقال: يعرض عن الإيمان فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ يعني: غنيٌّ عن نفقتهم، وعن إيمانهم، الْحَمِيدُ في فعاله. قرأ حمزة، والكسائي، وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ بنصب الخاء، والباء. وقرأ الباقون: بضم الباء، وإسكان الخاء، ومعناهما واحد. قرأ نافع، وابن عامر: فَإِنَّ الله الغنى الحميد الذي لا غني مثله. والباقون: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ بإثبات هو. ثم قال: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ يعني: بالأمر، والنهي، والحلال، والحرام، وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ يعني: أنزلنا عليهم الكتاب ليعلموا أمتهم وَالْمِيزانَ يعني: العدل. ويقال: هو الميزان بعينه، أنزل على عهد نوح عليه السلام لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ يعني: لكي يقوم الناس بِالْقِسْطِ يعني: بالعدل وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ يعني: وجعلنا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ يعني: فيه قوة شديدة في الحرب. وعن عكرمة أنه قال: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ يعني: أنزل الله تعالى الحديد لآدم عليه السلام، العلاة، والمطرقة، والكلبتين فيه بأس شديد. ثم قال عز وجل: وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ يعني: في الحديد مَنافِعُ لِلنَّاسِ مثل السكين، والفأس، والإبرة. يعني: من معايشهم. وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ يعني: ولكن يعلم الله من ينصره على عدوه وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ بقتل أعداءه كقوله: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ويقال: لكي يرى الله من استعمل هذا السلام في طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله ﷺ بالغيب. يعني: يصدق بالقلب إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ في أمره عَزِيزٌ في ملكه. ثم قال عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ يعني: بعثناهما إلى قومهما، وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا يعني: في نسليهما النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وكان فيهم الأنبياء مثل موسى، وهارون، وداود، ويونس، وسليمان، وصالح، ونوح، وإبراهيم عليهم السلام فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ يعني: كثير من ذريتهم تاركون للكتاب. قوله عز وجل: ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ يعني: وصلنا، وأَتْبَعْنَا على آثارهم بِرُسُلِنا واحداً بعد واحد وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يعني: وأرسلنا على آثارهم بعيسى ابن مريم وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ يعني: أعطيناه الإنجيل وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ يعني: الذين آمنوا به، وصدقوه، واتبعوا دينه، رَأْفَةً وَرَحْمَةً يعني: المودة. والمتوادين الذين يود بعضهم بعضاً. ويقال: الرأفة على أهل دينهم، يرحم بعضهم بعضاً، وهم الذين كانوا على دين عيسى، لم يتهوَّدوا، ولم يتنصروا. ثم استأنف الكلام فقال: وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها يعني: ابتدعوا رهبانية مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ يعني: لم تكتب عليهم الرهبانية إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ وذلك أنه لما كثر المشركون، خرج المسلمون منهم، فهربوا، واعتزلوا في الغيران، واتبعوا الصوامع، فطال عليهم الأمد، ورجع بعضهم عن دين عيسى بن مريم، وابتدعوا النصرانية. قال الله تعالى: ابْتَدَعُوها يعني: الرهبانية، والخروج إلى الصوامع، والتبتل للعبادة مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ يعني: ما أوجبنا عليهم، ولم نأمرهم إلا ابتغاء رضوان الله. يعني: أمرناهم بما يرضي الله تعالى لا غير ذلك. ويقال: ابْتَدَعُوها لطلب رضى الله تعالى فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها يعني: لم يحافظوا على ما أوجبوا على أنفسهم. ويقال: فما أطاعوا الله حين تهودوا، وتنصَّروا. قال الله تعالى: فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ في الآخرة وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ يعني: عاصين. وهم الذين تهودوا. وفي هذه الآية دليل وتنبيه للمؤمنين أن من أوجب على نفسه شيئاً، لم يكن واجباً عليه أن يتبعه، ولا يتركه، فيستحق اسم الفسق. وروي عن بعض الصحابة أنه قال: عليكم بإتمام هذه التراويح، لأنها لم تكن واجبة عليكم. فقد أوجبتموها على أنفسكم فإنكم إن تركتموها صرتم فاسقين ثم قرأ هذه الآية وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب