الباحث القرآني

قوله تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ يعني: ألم يجىء وقت تخاف قلوبهم، فترق قلوبهم. يقال: إناءً يأني إناءً إذا حان وجاء وقته وأوانه. قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد. ثنا: أبو جعفر محمد بن إبراهيم الدبيلي. قال: حدّثنا أبو عبيد الله قال: ثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن القاسم قال، ملَّ أصحاب رسول الله ﷺ ملة، فقالوا: حدّثنا يا رسول الله، فأنزل الله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً ثم ملوا ملَّة أخرى فقالوا: حدّثنا يا رسول الله. فأنزل الله تعالى أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ويقال: إن المسلمين قالوا لسلمان الفارسي: حدّثنا عن التوراة، فإن فيها عجائب. فنزل نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ فكفوا عن السؤال، ثم سألوه عن ذلك، فنزلت هذه الآية أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ يعني: ترق قلوبهم لذكر الله وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ يعني: القرآن بذكر الحلال والحرام. قرأ نافع، وعاصم، في رواية حفص وَما نَزَلَ بالتخفيف. والباقون: بالتشديد على معنى التكثير، والمبالغة. ثم وعظهم فقال: وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ يعني: ولا تكونوا في القسوة كاليهود، والنصارى، من قبل خروج النبيّ ﷺ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ يعني: الأجل. ويقال: خروج النبي ﷺ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ يعني: جفّت، ويبست قلوبهم عن الإيمان، فلم يؤمنوا بالقرآن إلا قليل منهم وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ يعني: عاصون. ويقال: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني: المنافقين الذين آمنوا بلسانهم دون قلوبهم. وقال أبو الدرداء: استعيذوا بالله من خشوع النفاق. قيل: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعاً، والقلب ليس بخاشع. قوله تعالى: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ يعني: يصلح الأرض، فاعتبروا بذلك بَعْدَ مَوْتِها يعني: بعد يبسها، وقحطها، فكذلك يحيي القلوب بالقرآن، ويصلح بعد قساوتها حتى تلين، كما أحيا الأرض كذلك بعد موتها بالمطر. قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ يعني: العلامات في القرآن لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ يعني: لكي تعقلوا أمر البعث كذلك إنكم أيضاً تبعثون. قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ قرأ ابن كثير، وعاصم، في رواية أبي بكر إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ كليهما بالتخفيف، والباقون: بالتشديد. فمن قرأ بالتخفيف، فمعناه: إن المؤمنين من الرجال، والمؤمنات من النساء، فمن صدق الله ورسوله ورضي بما جاء به النبيّ ﷺ. ومن قرأ: بالتشديد. يعني: المتصدقين من الرجال، والمتصدقات من النساء، فأدغمت التاء في الصاد، وشددت. وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يعني: يتصدقون، محتسبين بطبيعة أنفسهم، صادقين من قلوبهم يُضاعَفُ لَهُمْ الحسنات، والثواب بكل واحد عشرة إلى سبعمائة، إلى ما لا يحصى، وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ يعني: ثواباً حسناً في الجنة. ثم قال عز وجل: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ يعني: صدّقوا بتوحيد الله، وصدقوا بجميع الرسل، أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ والصدِّيق: اسم المبالغة في الفعل. يقال: رجل صدِّيق، كثير الصدق. وقال ابن عباس رضي الله عنه: فمن آمن بالله ورسله فهو من الصدِّيقين. ثم قال: وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال مقاتل: هذا استئناف فقال: الشُّهَداءُ يعني: من استشهد عند ربهم. يعني: يطلب شهادة على الأمم لَهُمْ أَجْرُهُمْ يعني: ثوابهم وَنُورُهُمْ ويقال: هذا بناء على الأول. يعني: أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة. ويقال: معناه أُوْلَئِكَ هُمُ الصديقون وَأُوْلَئِكَ هُمُ الشهداء عند ربهم، ويكون لهم أجرهم، ونورهم. قال مجاهد: كل مؤمن صديق، شهيد. ثم وصف حال الكفار فقال عز وجل: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني: بوحدانية الله تعالى وَكَذَّبُوا بِآياتِنا يعني: جحدوا بالقرآن أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب