الباحث القرآني

قوله تعالى: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ يعني: جاءهم كلمة بالغة، وهو القرآن يعني: حكمة وثيقة فَما تُغْنِ النُّذُرُ يعني: لا تنفعهم النذر إن لم يؤمنوا، كقوله: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [يونس: 101] ويقال: فَما تُغْنِ النُّذُرُ لم تنفعهم الرسل إذا نزل بهم العذاب إن لم يؤمنوا. قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يعني: اتركهم، وأعرض عنهم، بعد ما أقمت عليهم الحجة. يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ يعني: يدعو إسرافيل على صخرة بيت المقدس إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ يعني: إلى أمر فظيع، شديد، منكر خُشَّعاً يعني: ذليلة أَبْصارُهُمْ خاشعاً، نصب على الحال يعني: يخرجون، خاشعاً. قرأ حمزة، والكسائي، وأبو عمرو خاشِعاً بالألف مع النصب. والباقون: خاشعا بضم الخاء، بغير ألف، وتشديد الشين بلفظ الجمع، لأنه نعت للجماعة. ومن قرأ: بلفظ الواحد، فلأجل تقديم النعت. وقرأ ابن مسعود: خاشعة بلفظ التأنيث. وقرأ ابن كثير: إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ بجزم الكاف. والباقون: بالضم، وهما لغتان. ثم قال عز وجل: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ يعني: من القبور، كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ يعني: انتشروا عن معدنهم، ويجول بعضهم في بعض. قوله تعالى: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يعني: مقبلين إلى صوت إسرافيل يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ يعني: شديد عَسِر عليه. وروي في الخبر: «أنَّهُمْ إذا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ، يَمْكِثُونَ وَاقِفِينَ أَرْبَعِينَ سَنَّةً» ويقال: مائة سنة، حتى يقولوا أرحنا من هذا، ولو إلى النار، ثم يؤمرون بالحساب. ثم عزى نبيه ﷺ ليصبر على أذى قومه كما لقي الرسل من قومهم فقال: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ يعني: قبل قومك يا محمد قَوْمُ نُوحٍ حين أتاهم بالرسالة فَكَذَّبُوا عَبْدَنا نوحاً وَقالُوا مَجْنُونٌ يعني: قالوا لنوح: إنك مجنون وَازْدُجِرَ يعني: أوعد بالوعيد. ويقال: صاحوا به حتى غشي عليه. وقال القتبي: وَازْدُجِرَ أي: زجر. وهو افتعل من ذلك، فلما ضاق صدره فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ يعني: مقهور فيما بينهم فَانْتَصِرْ يعني: أعني عليهم بالعذاب، فأجابه الله كما في سورة الصافات: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (57) [الصافات: 75] . قوله عز وجل: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ يعني: طرق السماء بِماءٍ مُنْهَمِرٍ يعني: منصباً كثيراً. وقال القتبي: بِماءٍ مُنْهَمِرٍ أي: كثير، سريع الانصباب. ومنه يقال: همر للرجل إذا كثر من الكلام، وأسرع فيه. قرأ ابن عامر: فَفَتَحْنا بتشديد التاء على تكثير الفعل. وقرأ الباقون: بالتخفيف، لأنها فتحت فتحاً واحدا. قوله عز وجل: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً يعني: أخرجنا من الأرض عيوناً مثل الأنهار الجارية فَالْتَقَى الْماءُ يعني: ماء السماء، وماء الأرض، عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ يعني: على وقت قد قضى وَحَمَلْناهُ يعني: حملنا نوحاً عَلى ذاتِ أَلْواحٍ يعني: على سفينة قد اتخذت بألواح وَدُسُرٍ يعني: سفينة قد شدت بالمسامير. وقال بعضهم: كانت سفينة نوح من صاج. وقال بعضهم: من خشب شمشار. ويقال: من الجوز. وقال القتبي: الدسر المسامير، واحدها دسار، وهي أيضاً الشريط الذي يشد بها السفينة. ثم قال: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا يعني: تسير السفينة بمنظر منا، وأمرنا. ويقال: بمراد وحفظ منا. وقال الزجاج في قوله: فَالْتَقَى الْماءُ ولم يقل الماءان، لأن الماء اسم لجميع ماء السماء، وماء الأرض. فلو قال: ماءان لكان جائزاً، لكنه لم يقل. ثم قال: جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ يعني: الحمل على السفينة، ثواب لنوح الذي كفر به قومه. وقرأ بعضهم: جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ بالنصب يعني: الفرق عقوبة لمن كذب بالله تعالى، وبنوح.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب