الباحث القرآني

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ قرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائي السحت بضم الحاء، وقرأ الباقون بضمة واحدة، وهما لغتان السُّحُتُ والسُّحْتُ، وهو الاستئصال. يقال: أسحته وسَحَتَهُ، إذا استأصله، وكانوا يأكلون الرِّشا، وكان عاقبته الاستئصال، فسماه به كما قال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً [النساء: 10] «أي: يأكلون ما عاقبته نار» . وقال النبي ﷺ: «كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ بِالسُّحْتِ فَالنَّارُ أوْلَى بِهِ» ، قالوا يا رسول الله وما السحت؟ قال: «الرِّشْوَةُ فِي الحُكْمِ» . وقال- عليه السلام-: «لَعَنَ الله الرَّاشِي وَالمُرْتَشِي» . وروي عن وهب بن منبه، أنه قيل له: الرشوة حرام في كل شيء؟. فقال: لا، إنما يكره من الرشوة أن ترشو لتعطى ما ليس لك، أو تدفع حقاً قد لزمك. فأما إذا أردت أن ترشو لتدفع عن دينك، ودمك، ومالك، فليس بحرام. قال الفقيه أبو الليث: وبهذا القول نأخذ لا بأس بأن يدفع الرجل عن نفسه وماله بالرشوة، وهذا كما روي عن عبد الله بن مسعود، أنه كان بالحبشة فرشى بدينارين، وقال: إنما الإثم على القابض دون الدافع. ثم قال: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ، يعني: أهل الكتاب إذا خاصموا إليك فأنت بالخيار، إن شئت فاحكم بينهم وإن شئت فأعرض عنهم، ولا تحكم بينهم. ثم قال: وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ يعني: بالعدل، وهو الرجم، ولها وجه آخر، أن الصلح كان بينهم أن تكون جراحات بني قريظة نصفاً من جراحات بني النضير، وفي القتل كذلك، فأمر الله تعالى بأن يحكم بالعدل بينهم، وهو قوله عز وجل: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ يعني العادلين في الحكم. وروي عن عكرمة أنه قال: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ نسختها آية أخرى: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة: 49] وقال مجاهد: لم ينسخ من المائدة إلا آيتان قوله: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ نسختها وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة: 49] وقوله: لاَ تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ نسختها قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: 5] . وقال الزهري: مضت السنة أن يرد أهل الكتاب في حقوقهم، ومواريثهم إلى أهل دينهم، إلا أن يأتوا راغبين حكم الله، فيحكم بينهم بكتاب الله تعالى، وهذا القول يوافق قول أبي حنيفة: أن لا يحكم بينهم ما لم يتراضوا بحكمنا. ثم قال
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب