الباحث القرآني

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ يعني: أطيعوه في السر، كما في العلانية. ويقال: أَطِيعُوا اللَّهَ في الفرائض وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ في السنن، وفيما يأمركم من الجهاد وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ يعني: حسناتكم بالرياء. وقال أبو العالية: كان أصحاب النبي ﷺ يرون أنه لا يضر مع قول لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، حتى نزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ فخافوا أن تبطل الذنوب الأعمال. وقال مقاتل: نزلت في الذين يمنون عليك أن أسلموا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قال مقاتل: وذلك أن رجلاً سأله عن والده أنه كان محسناً في كفره، قال: هو في النار. فولى الرجل يبكي، فدعاه، فقال له: «والدك ووالدي ووالد إبراهيم في النار» . فنزل: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ قال الكلبي: نزلت الآية في رؤساء أهل بدر. قوله تعالى: فَلا تَهِنُوا يعني: لا تضعفوا عن عدوكم وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ يعني: إلى الصلح. أي: لا تهنوا، ولا تدعوا إلى الصلح نظير. قوله تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ [البقرة: 42] يعني: ولا تكتموا الحق! وفي هذه الآية دليل على أن أيدي المسلمين، إذا كانت عالية على المشركين، لاَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يجيبوهم إلى الصلح، لأن فيه ترك الجهاد. وإن لم تكن يدهم عالية عليهم، فلا بأس بالصلح لقوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها [الأنفال: 61] يعني: إن مالوا للصلح فمل إليه. قرأ حمزة في رواية أبي بكر: إلى السلم بكسر السين. والباقون: بالنصب. قال بعضهم: وهما لغتان. وقال بعضهم: أحدهما صلح، والآخر استسلام. ثم قال: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ يعني: العالين يكون آخر الأمر لكم وَاللَّهُ مَعَكُمْ يعني: معينكم، وناصركم، وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ يعني: لن ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئاً. يقال: وترتني حقي يعني: بخستني فيه. وقال مجاهد: لن ينقصكم. وقال قتادة: لن يظلمكم. إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ يعني: باطل، وفرح. وَإِنْ تُؤْمِنُوا أي: تستقيموا على التوحيد وَتَتَّقُوا النفاق يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ يعني: يعطكم ثواب أعمالكم وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ يعني: لا يسألكم جميع أموالكم، ولكن ما فضل منها إِنْ يَسْئَلْكُمُوها يعني: جميع الأموال فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا يعني: إن يلح عليكم بما يوجبه في أموالكم. ويقال: فَيُحْفِكُمْ يعني: يجهدكم كثرة المسألة تَبْخَلُوا بالدفع وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ يعني: يظهر بغضكم، وعدواتكم لله تعالى، ولرسوله ﷺ وللمؤمنين. ويقال: ويخرج ما في قلوبكم من حب المال. يقول: هذا للمسلمين. ويقال: هذا للمنافقين. يعني: يظهر نفاقكم. وقال قتادة: علم الله أن في مسألة الأموال خروج الأضغان. قوله عز وجل: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ قرأ نافع، وأبو عمرو ها أَنْتُمْ بمدة طويلة، بغير همز. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي. بالمد، والهمز، فَهَا تنبيه، وأنتم كلمة على حدة، وإنما مد ليفصل ألف هاء من ألف أنتم. وقرأ ابن كثير: بالهمز بغير مد ومعناه: أَأَنتم. ثم قلبت إحدى الهمزتين هاء. ومعنى هذه القراءات كلها أنتم يا معشر المؤمنين تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني: لتتصدقوا في سبيل الله، وتعينوا الضعفاء. فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ بالنفقة في سبيل الله وَمَنْ يَبْخَلْ بالنفقة فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ يعني: لا يكون له ثواب النفقة وَاللَّهُ الْغَنِيُّ عما عندكم من الأموال، وعن أعمالكم. وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ إلى ما عند الله من الثواب، والرحمة، والمغفرة. وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يعني: تعرضوا عما أمركم الله به من الصدقة، وغير ذلك مما افترض الله عليكم من حق. يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ يعني: يهلككم، ويأت بخير منكم، وأطوع لله تعالى منكم ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ يعني: أشباهكم في معصية الله تعالى. قال بعضهم: لم يتولوا، ولم يستبدل بهم. وقال بعضهم: استبدل بهم أناس من كندا وغيرها. وروى أبو هريرة قال: لما نزلت هذه الآية، قالوا: يا رسول الله ﷺ من هؤلاء الذين، إِنْ تولينا استبدلوا بِنَا؟ قال: وَعنده سلمان. فوضع النبي ﷺ يده عليه، ثم قال: «هذا وَقَوْمُهُ» ، ثم قال: «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَاِرس» وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب