الباحث القرآني

قال الله تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً يعني: وصفوا لله من خلقه، شريكاً وولداً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ يعني: كَفُورٌ لنعمه مُبِينٌ أي: بين الكفر. ثم قال تعالى: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وهو رد على بني مليح، حيث قالوا: الملائكة بنات الله. معناه: اختار لكم البنين، ولنفسه البنات، ثم وصف كراهيتهم البنات فقال: وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ. قوله عز وجل: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا يعني: بما وصفوا لله تعالى من البنات، وكرهوا لأنفسهم ذلك ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يعني: تغير لونه، وهو حزين مكروب. يعني: أترضون لله، ما لا ترضون لأنفسكم. قوله عز وجل: أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ يعني: يغذى في الذهب والفضة. ويقال: أفمن زين في الحلي والحلل وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ يعني: في الكلام غير فصيح. ويقال: هن في الخصومة، غير مبينات في الحجة ويقال: أفمن زين في الحلي، وهو في الخصومة غير مبين، لأن المرأة لا تبلغ بخصومتها، وكلامها ما يبلغ الرجل. قرأ حمزة والكسائي، وعاصم في رواية حفص، أو من يُنَشَّأُ بضم الياء، ونصب النون وتشديد الشين ومعناه: أو من يربى في الحلية، لفظه لفظ الاستفهام، والمراد به التوبيخ. وقرأ الباقون، أوَمَنْ يَنْشَأ، بنصب الياء وجزم النون مع التخفيف، يعني: يشب وينبت في الحلي. قوله تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً يعني: وصفوا الملائكة بالأنوثة. قرأ ابن كثير، وابن عامر، ونافع الَّذِينَ هم عبد الرحمن إِناثاً يعني: وصفوا الملائكة بالأنوثة. قرأ ابن كثير، وابن عامر، ونافع عبيد يعني: الملائكة الذين هم في السماء، والباقون عِبَادُ يعني: جمع عبد. ثم قال: أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ يعني: أحضروا خلق الملائكة حين خلقهم الله تعالى، فعلموا أنهم ذكوراً أو إناثاً؟ هذا استفهام فيه نفي، يعني: لم يشهدوا خلقهم على وجه التوبيخ، والتقريع. ثم قال: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ يعني: ستكتب مقالتهم وَيُسْئَلُونَ عنه يوم القيامة. وروي عن الحسن: أنه قرأ سَتُكْتَبُ شَهَادَاتُهُم بالألف يعني: أقوالهم. وقرأ عبد الرحمن الأعرج سَنَكْتُبُ بالنون. قوله تعالى: وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ يعني: ما عبدنا الملائكة ويقال: الأصنام مَّا لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ أي: ما لهم بذلك القول من حجة إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ يعني: يكذبون بغير حجة. وقال مقاتل: في الآية تقديم يعني: عباد الرحمن إناثاً، ما لهم بذلك من علم. قوله عز وجل: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ يعني: أنزلنا عليهم كتاباً، مِن قَبْلِ هذا القرآن فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ يعني: آخذون به عاملون، اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به النفي. قوله عز وجل: بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ يعني: لكنهم قالوا: إنا وجدنا آباءنا على دين وملة. وقال القتبي: أصل الأمة الجماعة، والصنف. كقوله: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ [الأنعام: 38] ثم يستعار في أشياء منها: الدين. كقوله: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ أي: على دين، لأن القوم كانوا يجتمعون على دين واحد، فتقام الأمة مكان الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمة محمد ﷺ، لأنهم على ملة واحدة، وهي الإسلام. وروى مجاهد، وعمر بن عبد العزيز، أنهما قرءا أُمَّةٍ بكسر الألف، أي: على نعمة. ويقال: على هيئة، وقراءة العامة بالضمة، يعني: على دين وروى أبو عبيدة، عن بعض أهل اللغة، أن الأُمة والأمة لغتان. ثم قال: وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ يعني: مستيقنين وَكَذلِكَ مَا أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها يعني: جبابرتها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ يعني: بسنتهم مقتدون. أي: بأعمالهم. قال الله تعالى لمحمد ﷺ: قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى يعني: أليس هذا الذي جئتكم به، هو أهدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ يعني: بأصوب وأبين من ذلك. قرأ ابن عامر، وعاصم في رواية حفص قالَ أَوَلَوْ على معنى الخبر والباقون (قُلْ) بلفظ الأمر. وقرأ أبو جعفر المدني (جِئْنَاكُم) بلفظ الجماعة. قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ يعني: إن الجبابرة قالوا لرسلهم: إنا بما أرسلتم به جاحدون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب