الباحث القرآني

قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ يعني: يخاصمون في توحيد الله ودين الله مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ يعني: من بعد ما أجابوا إياه، أي: بعد ما أجاب المؤمنون بتوحيد الله لنبيه. وقال مجاهد: طمع رجال بأن يعودوا إلى الجاهلية فنزل وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ إلى قوله: حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ وروى معمر عن قتادة قال: والذين يحاجون في الله، يعني: في دينه قال: هم اليهود، والنصارى. قالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن خير منكم. فنزل وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ أي: في دين الله مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ يعني: من بعد ما دخل الناس في الإسلام حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ يعني: خصومتهم باطلة. ويقال: احتجاجهم زائل، ساقط. يقال دحض أي: زال، ومعناه: ليس لهم حجة. وسمى قولهم حجة على وجه المجاز، يعني: حجتهم كما قال: فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ يعني: الآلهة بزعمهم، ولم يكونوا آلِهَة في الحقيقة عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ يعني: كما يكابرون عقولهم وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بما كانوا يفعلون. قوله عز وجل: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ أي: لبيان الحق، وأنزل الميزان وهو العدل ويقال: وأنزل الميزان في زمان نوح. ويقال: هي الحدود والأحكام والأمر والنهي. قوله: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يعني: قيام الساعة قريب. وهذا كقوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وقال تعالى: لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ولم يقل قريبة، لأن تأنيثها ليس بحقيقي، ولأنه انصرف إلى المعنى، يعني: للبعث. قوله تعالى: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِها يعني: أن المشركين كانوا يقولون: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ويقولون: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها يعني: خائفين من قيام الساعة، لأنهم يعلمون أنهم مبعوثون، محاسبون وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ يعني: يعلمون أن الساعة كائنة. أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ يعني: يشكون ويخاصمون فيها. لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ أي: في خطأ طويل، بعيد عن الحق. قوله عز وجل: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يعني: عالم بعباده. ويقال: رحيم بعباده، ويقال اللطيف الذي يرزقهم في الدنيا، ولا يعاقبهم في الآخرة. ويقال: اللطيف بعباده، بالبر، والفاجر لا يهلكهم جوعاً يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حساب. ويقال يرزق من يشاء، مقدار ما يشاء، في الوقت الذي يشاء وَهُوَ الْقَوِيُّ على هلاكهم. الْعَزِيزُ يعني: المنيع لا يغلبه أحد. قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ يعني: ثواب الآخرة بعمله. نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ يعني: ينال كليهما وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا يعني: ثواب الدنيا بعمله. نُؤْتِهِ مِنْها يعني: نعطه منها. وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ لأنه عمل لغير الله تعالى. قال أبو الليث رحمه الله: حدّثنا الفقيه أبو جعفر، قال: حدثنا محمد بن عقيل قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال: حدّثنا الحجاج قال: حدّثنا شعبة، عن عمر بن سليمان، عن عبد الرحمن بن أبان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، عن النبيّ ﷺ أنه قال: «مَنْ كانَتْ نِيَّتُهُ الآخِرَةَ جَمَعَ الله شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ الله عَلَيْهِ أمْرَهُ، وَجَعلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَهُ» . وقال القتبي: الحرث في اللغة العمل. يعني: من كان يريد بحرثه، أي: بعمله الْآخِرَةِ نضاعف له الحسنات. ومن أراد بعمله الدنيا أعطيناه ولا نصيب له في الآخرة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب