الباحث القرآني

يقول الله تعالى للنبي ﷺ: قُلْ يا محمد، إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يعني: آدمياً مثلكم، يُوحى إِلَيَّ ما أبلغكم من الرسالة، أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ يعني: أقروا له بالتوحيد، وَاسْتَغْفِرُوهُ من الشرك، وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ يعني: الشدة من العذاب للمشركين، الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ يعني: لا يعطون الزكاة، ولا يقرون بها، وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ يعني: بالبعث بعد الموت. ثم وصف المؤمنين فقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني: صدقوا بالله، وأدوا الفرائض، لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ يعني: غير منقوص. ويقال: غير مقطوع. عنهم في حال ضعفهم، ومرضهم. فقال عز وجل: قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به التهديد والزجر. يعني: أإنكم لتكذبون بالخالق الذي خلق الأرض في يومين، يوم الأحد ويوم الاثنين. فبدأ خلقها في يوم الأحد، وبسطها في يوم الاثنين، وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً يعني: تصفون له شركاء من الآلهة، ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ يعني: الذي خلق الأرض، فهو رب جميع الخلق، ولو أراد الله أن يخلقها في لحظة واحدة لفعل، وكان قادراً. ولكنه أحب أن يبصر الخلق وجوه الأناة، والقدرة على خَلَقَ السموات والأرض فِي أيام كثيرة، وفي لحظة واحدة سواء، لأن الخلق عاجزون عن مثقال ذرة منها، وكان ابتداء خلق الأرض في يوم الأحد، وإتمام خلقها، وبسطها في يوم الاثنين. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها يعني: وخلق في الأرض الرواسي. يعني: الجبال الثوابت من فوقها، وَبارَكَ فِيها بالماء، والشجر، وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها يعني: قسم فيها الأرزاق. وقال عكرمة: قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها يعني: قدر في كل قرية عملاً لا يصلح في الأخرى، مثل النيسابوري لا يكون إلا بنيسابور، والهروي لا يكون إلا بهراة. وقال قتادة: وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها قال: جبالها، ودوابها، وأنهارها، وثمارها. وقال الحسن وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها قال: أرزاقها. وقال مقاتل: يعني: أرزاقها، ومعايشها وروى الأعمش عن أبي ظبيان، عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: أول مَا خَلَقَ الله مِن شيء، خلق القلم. فقال له اكتب. فقال: يا رب وما أكتب؟ فقال: اكتب القدر. فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم القيامة. ثم خلق النون، ثم رفع بخار الماء، ففتق منه السموات، ثم بسط الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون، فتمادت الأرض، فأوتدت بالجبال. ثم قال: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يعني: من أيام الآخرة. ويقال: من أيام الدنيا، سَواءً لِلسَّائِلِينَ يعني: لمن سأل الرزق ومن لم يسأل. وقال مقاتل: سَواءً لِلسَّائِلِينَ يعني: عدلاً لمن سأل الرزق، كقوله: وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ [ص: 22] يعني: عدلاً. وقال ابن عباس: سألت رسول الله ﷺ عن هذه الآية، فقال: «خَلَقَ الأَرْوَاحَ، قَبْلَ الأَجْسَادَ بأَرْبَعِ آلافِ سَنَة» ، وهكذا خلق الأرزاق قبل الأرواح بأربع آلاف سنة فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً. قرأ الحسن: سَوَآء بكسر الألف. وقرأ أبو جعفر المدني: سَوَآء بالضم. وقراءة العامة: بالنصب. فمن قرأ: بالكسر، جعل سواء صفة للأيام، والمعنى في أربعة أيام، مستويات، تامات للسائلين. ومن قرأ: بالضم، فمعناه في أربعة أيام وقد تم الكلام. ثم استأنف فقال: سَواءً لِلسَّائِلِينَ ومن قرأ: بالنصب. يعني: قدرها سواء صار نصباً على المصدر. ومعناه: استوت استواءً. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أي: صعد أمره إلى السماء، وهو قوله: كُنْ ويقال: عمد إلى خلق السماء وَهِيَ دُخانٌ يعني: بخار الماء كهيئة الدخان. وذلك أنه لما خلق العرش، لم يكن تحت العرش شيء سوى الماء كما قال. وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء، ثم ألقى الحرارة على الماء حتى ظهر منه البخار، فارتفع بخاره كهيئة الدخان، فارتفع البخار، وألقى الريح الزبد على الماء، فزيد الماء، فخلق الأرض من الزبد، وخلق السماء من الدخان وهو البخار. ثم قال تعالى: وَهِيَ دُخانٌ، فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ يعني: للسماء، والأرض، ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً يعني: اعطيا الطاعة، طوعاً أو كرهاً. يعني: ائتيا بالمعرفة لربكما، والذكر له طوعاً، أو كرهاً، قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فأعطيا الطاعة بالطوع. ويقال: كانت السماء رتقاً عن المطر، والأرض عن النبات، فقال لهما ائْتِيا يعني: أعطيا، وأخرجا ما فيكما من المطر، والنبات منفعة للخلق إن شئتما طائعين، وإن شئتما كارهين. قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ يعني: أخرجنا ما فينا طائعين غير كارهين. وروي عن مجاهد أنه قال: معناه يا سماء أبرزي شمسك، وقمرك، ونجومك، ويا أرض أخرجي نباتك طوعاً، أو كرهاً. ويقال: هذا على وجه المثل، يعني: أمرهما بإخراج ما فيهما، فأخرجتا طائعتين. قوله عز وجل: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها يعني: أمر أهل كل سماء بأمرها. قال السدي: خلق في كل سماء، خلقاً من الملائكة، وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ يعني: بالنجوم وَحِفْظاً يعني: من الشياطين أن يسترقوا السمع ذلِكَ أي: الذي ذكر من صنعه تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ في ملكه الْعَلِيمِ بخلقه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب