الباحث القرآني

وهي أربع وخمسون آية مكية قوله تبارك وتعالى حم اسم السورة. ويقال: حم يعني: قضي ما هو كائن ويقال هو قسم أقسم الله تعالى به. تَنْزِيلٌ أي: نزل بهذا القرآن جبريل، مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تنزيل صار رفعاً بالابتداء، وخبره، كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ ويقال: صار رفعاً بإضمار فيه. ومعناه: هذا تنزيل من الرحمن الرحيم، كِتابٌ يعني: القرآن فُصِّلَتْ آياتُهُ يعني: بينت، وفسرت دلائله، وحججه. ويقال: بيّن حلاله، وحرامه، قُرْآناً عَرَبِيًّا صار نصباً على الحال. أي: بينت آياته في حال جمعه، لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أي: يصدقون، ويقرون بالرسل. ويقال: يعلمون ما فيه، ويفهمونه. قُرْآناً عَرَبِيًّا أخذ من الجمع، ولو كان غير عربي لم يعلموه. قوله تعالى: بَشِيراً وَنَذِيراً يعني: بَشِيراً للمؤمنين بالجنة وَنَذِيراً للكافرين بالنار. فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ يعني: أعرض أكثر أهل مكة، فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ يعني: لا يسمعون سمعاً ينفعهم، لأنهم لا يجيبون، ولا يطيعون. وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ يعني: في غطاء لا نفقه ما تقول، مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ من التوحيد لا يصل إلى قلوبنا، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ يعني: ثقلاً فلا نسمع قولك. يعني: نحن في استماع قولك، كالصم لا نسمع ما تقول، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ أي ستر، وغطاء، فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ يعني: اعمل على أمرك، نعمل على أمرنا. ويقال: اعمل لإلهك الذي أرسلك، إننا عاملون لآلهتنا، وهذا قول مقاتل، والأول قول الكلبي. ويقال: اعمل في هلاكنا، إننا عاملون في هلاكك. روى محمد بن كعب القرظي عمن حدثه: أن عتبة بن ربيعة قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش: ألا أقُوم إلى هذا الرجل، وأكلمه، وأعرض عليه أموراً، لعله يقبل منا بعضها، فنعطيه أيها شاء، ويكف عنا، وذلك حين رأوا أصحاب النبيّ ﷺ يزيدون، ويكثرون. فقالوا: بلى يا أبا الوليد. فقام عتبة: حتى جلس إلى رسول الله ﷺ فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث علمت من المكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت جماعتهم، وعبت آلهتهم، ودينهم، وكفرت من مضى من آبائهم، فإن كنت، إنما تريد بما جئت به مالاً، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالاً، وإن كنت تريد شرفاً شرفناك علينا، حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه، أي: خيالاً، لا تستطيع أن تردّه عنك نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا لك فيه أموالنا حتى نبريك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل، حتى يداوى منه. فلما فرغ منه، قال رسول الله ﷺ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ حتى انتهى إلى قوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (13) [فصلت: 13] » فقام عتبة، وجاء إلى أصحابه. فقال بعضهم لبعض: تالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب، فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك؟ قال: سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة. يا معشر قريش أطيعوني، وخلوا بيني وبين الرجل، وبين ما هو فيه. فقالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه. فقال: هذا الرأي لكم، فاصنعوا ما بدا لكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب