الباحث القرآني
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى يعني: التوراة فيها هدى، ونور من الضلالة، وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ يعني: أعطيناهم على لسان الرسل التوراة، والإنجيل، والزبور هُدىً أي: بياناً من الضلالة. ويقال: فيه نعت محمد ﷺ وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ يعني: عظة لذوي العقول.
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ يعني: اصبر يا محمد على أذى المشركين. فإن وعد الله حق، وهو ظهور الإسلام على الأديان كلها، وفتح مكة. وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ. وهذا قبل نزول قوله: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: 2] . ويقال: اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ أي: لذنب أمتك وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أي: صل بأمر ربك بِالْعَشِيِّ أي: صلاة العصر، وَالْإِبْكارِ يعني: صلاة الغداة. ويقال: سبح الله تعالى، واحمده بلسانك في أول النهار، وآخره.
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ قال الكلبي ومقاتل: يعني: اليهود، والنصارى، كانوا يجادلون في الدجال. وذلك أنهم كانوا يقولون: إن صاحبنا يبعث في آخر الزمان، وله سلطان، فيخوض البحر، وتجري معه الأنهار، ويرد علينا الملك. فنزل: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ يعني: في الدجال. لأن الدجال آية من آيات الله، بِغَيْرِ سُلْطانٍ أي: بغير حجة أَتاهُمْ من الله. إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُمْ بِبالِغِيهِ أي: ما في قلوبهم إلا عظمة مَّا هُمْ بِبالِغِيهِ يعني: ما هم ببالغي ذلك الكبر الذي في قلوبهم، بأن الدجال منهم. وقال القتبي: إِنْ في صُدُورِهِمْ إِلاَّ تكبراً على محمد ﷺ، وطمعاً أن يغلبوه، وما هم ببالغي ذلك.
وقال الزجاج: معناه وما هم ببالغي إرادتهم، وإرادتهم دفع آيات الله. وروى أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية قال: إن اليهود ذكروا الدجال، وعظموا أمره، فنزل: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ يعني: إن الدجال من آيات الله فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من فتنة الدجال، فإنه ليس ثم فتنة أعظم من فتنة الدجال. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لقول اليهود، الْبَصِيرُ يعني:
العليم بأمر الدجال. ويقال: السَّمِيعُ لدعائك، الْبَصِيرُ برد فتنة الدجال عنك.
لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ قال الكلبي ومقاتل: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أعظم من خلق الدجال. ويقال: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أعظم من خلق الناس بعد موتهم. يعني: أنهم يبعثون يوم القيامة، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ أن الدجال خلق من خلق الله. ويقال: لا يعلمون أن الله يبعثهم، ولا يصدقون.
وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ يعني: الكافر، والمؤمن في الثواب، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ يعني: لا يستوي الصالح، مع الطالح، قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ أي: يتعظون، ويعتبرون. قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: تَتَذَكَّرُونَ بالتاء على وجه المخاطبة. والباقون: بالياء يَتَذَكَّرُونَ على معنى الخبر عنهم. وفي كلا القراءتين مَا للصلة، والزينة.
إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيها يعني: قيام الساعة آتية لا شك فيها عند المؤمنين، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ أي: لا يصدقون الله تعالى.
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ قال الكلبي معناه: وحدوني، أغفر لكم. وقال مقاتل: معناه: وقال ربكم لأهل الإيمان، ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي أي: عن توحيدي، فلا يؤمنون بي، ولا يطيعونني. سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ أي:
صاغرين. ويقال: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي يعني: الدعاء بعينه: أَسْتَجِبْ لَكُمْ يعني:
أستجب دعاءكم. وقال بعض المتأخرين: معناه ادعوني بلا غفلة، أستجب لكم بلا مهلة.
وقيل أيضاً: ادعوني بلا جفاء، أستجب لكم بالوفاء. وقيل أيضاً: ادعوني بلا خطأ، أستجب لكم مع العطاء. وروى النعمان بن بشير، عن النبي ﷺ أنه قال: «إنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ، ثُمَّ قرأ: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ» قرأ ابن كثير، وعاصم، في رواية أبي بكر، وإحدى الروايتين، عن أبي عمرو: سَيَدْخُلُونَ بضم الياء، ونصب الخاء على معنى فعل ما لم يسم فاعله، وتكون جهنم مفعولاً ثانياً. والباقون: يدخلون بنصب الياء، وضم الخاء، على الإخبار عنهم بالفعل المستقبل، على معنى سوف يدخلون.
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ أي: خلق لكم الليل، لِتَسْكُنُوا فِيهِ أي: لتستقروا فيه، وتستريحوا فيه، وَالنَّهارَ مُبْصِراً أي: مضيئاً لابتغاء الرزق، والمعيشة. ويقال: مُبْصِراً معناه: يبصر فيه، إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ يعني: على أهل مكة بتأخير العذاب عنهم.
ويقال لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ أي: على جميع الناس، بخلق الليل والنهار، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ لربهم في النعمة فيوحدونه، ويطيعونه. ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ يعني: الذي خلق هذا هو ربكم، خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ أي: تصرفون، وتحولون.
ويقال: فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ أي: من أين تكذبون، كَذلِكَ يُؤْفَكُ أي: هكذا يكذب. ويقال:
هكذا يحول، والَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ويقال: هكذا يؤفك الذين كانوا من قبلهم.
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً أي: بسط لكم الأرض، وجعلها موضع قراركم، وَالسَّماءَ بِناءً أي: خلق السماء فوقكم مرتفعاً، وَصَوَّرَكُمْ أي: خلقكم فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ولم يخلقكم على صورة الدَّواب، فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ أي: أحكم خلقكم، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي: الحلالات. يقال: اللذيذات، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ يعني: الذي خلق هذه الأشياء هو ربكم، فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ أي: فتعالى الله رب العالمين.
ويقال: هو من البركة يعني: البركة منه. هُوَ الْحَيُّ يعني: هو الحي الذي لا يموت، ويميت الخلائق، لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ يعني: بالتوحيد، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يعني: قولوا الحمد لله رب العالمين الذي صنع لنا هذا.
{"ayahs_start":53,"ayahs":["وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡهُدَىٰ وَأَوۡرَثۡنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱلۡكِتَـٰبَ","هُدࣰى وَذِكۡرَىٰ لِأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ","فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ","إِنَّ ٱلَّذِینَ یُجَـٰدِلُونَ فِیۤ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ سُلۡطَـٰنٍ أَتَىٰهُمۡ إِن فِی صُدُورِهِمۡ إِلَّا كِبۡرࣱ مَّا هُم بِبَـٰلِغِیهِۚ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ","لَخَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ","وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَلَا ٱلۡمُسِیۤءُۚ قَلِیلࣰا مَّا تَتَذَكَّرُونَ","إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَـَٔاتِیَةࣱ لَّا رَیۡبَ فِیهَا وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یُؤۡمِنُونَ","وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ","ٱللَّهُ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ لِتَسۡكُنُوا۟ فِیهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَشۡكُرُونَ","ذَ ٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲ لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ","كَذَ ٰلِكَ یُؤۡفَكُ ٱلَّذِینَ كَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ یَجۡحَدُونَ","ٱللَّهُ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارࣰا وَٱلسَّمَاۤءَ بِنَاۤءࣰ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِۚ ذَ ٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","هُوَ ٱلۡحَیُّ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَۗ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق