الباحث القرآني

وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً أي: قصراً مشيداً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ يعني: أصعد طرق السموات، فَأَطَّلِعَ أي: انظر إِلى إِلهِ مُوسى الذي يزعم أنه أرسله. وقال مقاتل، والقتبي: أَسْبابَ السَّماواتِ أبوابها. قرأ عاصم في رواية حفص: فَأَطَّلِعَ بنصب العين. والباقون: بالضم. فمن قرأ: بالنصب. جعله جواباً للفعل. ومن قرأ بالضم رده إلى قوله: أبلغ الأسباب، فأطلع. وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً أي: لأحسب موسى كاذباً في قوله. قال الله تعالى: وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ أي: قبح عمله، وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ أي: الدين، والتوحيد. قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم: وَصُدَّ بضم الصاد. والباقون: بالنصب. فمن قرأ: بالضم. فمعناه: إن فرعون صرف عن طريق الهدى. يعني: إن الشيطان زين له سوء عمله، وصرفه عن طريق الهدى. ومن قرأ: بالنصب. فمعناه: صرف فرعون الناس عن الدين. وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ أي: ما صنع فرعون إلا في خسارة يوم القيامة، كقوله: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد: 1] يعني: إن فرعون اختار متاعاً قليلاً، وترك الجنة الباقية، فكان عمله في الخسارة. وَقالَ الَّذِي آمَنَ وهو حزبيل يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ يعني: أطيعوني حتى أرشدكم، وأبيّن لكم دين الصواب. قوله تعالى: يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ أي: قليل، وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ لا زوال لها. مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها يعني: من عمل الشرك فلا يجزى إلا النار في الآخرة. وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ يعني: من رجل، أو امرأة، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ أي: بغير مقدار. وقال بعض الحكماء: إن الله تعالى قال: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً ولم يقل من ذَكَرٍ أَوْ أنثى. وقال: وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى لأن العمل الصالح يَحْسُن من الرجل، والمرأة. والسيئة من المرأة أقبح من الرجل. فلم يذكر من ذَكَرٍ أَوْ أنثى. وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ يعني: أن حزبيل قال لقومه: ما لي أدعوكم إلى التوحيد، والطاعة، وذلك سبب النجاة، والمغفرة، فلم تطيعوني، وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ يعني: إلى عمل أهل النار. ثم بيّن عمل أهل النار فقال: تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ يعني: لأجحد بوحدانية الله، وَأُشْرِكَ بِهِ أي: أشرك بالله، مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ يعني: مَا لَيْسَ لِى بِهِ حجة بأن مع الله شريكاً، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ يعني: إلى دين العزيز الغفار الْعَزِيزِ في ملكه الْغَفَّارِ لمن تاب. لاَ جَرَمَ أي: حقاً يقال لاَ جَرَمَ يعني: لا بد. أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا أي: ليس له قدرة. ويقال: ليس له استجابة دعوة تنفع في الدنيا. وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ أي: مصيرنا، ومرجعنا إلى الله يوم القيامة، وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ يعني: المشركين، هُمْ أَصْحابُ النَّارِ يعني: هم في النار أبداً. فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ يعني: ستعرفون إذا نزل بكم العذاب، وتعلمون أن ما أقول لكم من النصيحة أنه حق. وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ يعني: أمر نفسي إلى الله، وأدع تدبيري إليه، إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ يعني: عالم بأعمالهم، وبثوابهم. فأرادوا قتله، فهرب منهم، فبعث فرعون في طلبه، فلم يقدروا عليه، فذلك قوله: فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا يعني: دفع الله عنه شر ما أرادوا، وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ يعني: نزل بهم سُوءُ الْعَذابِ يعني: شدة العذاب، وهو الغرق. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها قال ابن عباس: يعني: تعرض أرواحهم على النار، غُدُوًّا وَعَشِيًّا هكذا قال قتادة، ومجاهد، وقال مقاتل: تعرض روح كل كافر على منازلهم من النار كل يوم مرتين. وقال ابن مسعود: «أَرْوَاحُهُم في جوْف طَيْر سُودٍ يَرَوْنَ مَنَازِلهم غُدوة وَعَشِيَّةً» . وقال هذيل بن شرحبيل: «أرواح الشهداء في جوف طير خضر تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش» . وإن أرواح آل فرعون في جوف طير سود تغدو، وتروح، على النار فذلك عرضها. والآية تدل على إثبات عذاب القبر، لأنه ذكر دخولهم النار يوم القيامة. وذكر أنه تعرض عليهم النار قبل ذلك غدواً وعشياً. ثم قال: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يعني: يقال لهم يوم القيامة: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ. قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو: أَدْخِلُوا بضم الألف، والخاء. وهكذا قرأ عاصم في رواية أبي بكر. والباقون: بنصب الألف، وكسر الخاء. فمن قرأ أَدْخِلُواْ بالضم. فمعناه: ادخلوا يا آل فرعون أَشَدَّ الْعَذابِ، فصار الآل نصباً بالنداء. ومن قرأ أَدْخِلُوا بالنصب. معناه: يقال للخزنة: أدخلوا آل فرعون. يعني: قوم فرعون أَشَدَّ الْعَذابِ يعني: أسفل العذاب. فصار الآل نصباً لوقوع الفعل عليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب