قوله عز وجل: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من الخلق باطِلًا يعني: عبثاً لغير شيء، بل خلقناهما لأمر هو كائن ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: يظنون أنهما خلقتا لغير شيء، وأنكروا البعث فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ يعني: جحدوا من النار يعني: من عذاب النار أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وذلك أن كفار مكة قالوا: إنا نعطى في الآخرة، من الخير أكثر مما تعطون فنزل: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ في الثواب كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ يعني: كالمشركين. وقال في رواية الكلبي: نزلت في مبارزي يوم بدر أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني: علياً، وحمزة، وعبيدة رضي الله عنهم كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ يعني: عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد. ويقال: نزلت في جميع المسلمين، وجميع الكافرين. يعني: لا نجعل جزاء المؤمنين كجزاء الكافرين في الدنيا والآخرة، كما قال في آية أُخرى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً
[الجاثية: 21] .
ثم قال عز وجل: أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ يعني: كالفجار في الثواب. اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الوعيد.
ثم قال عز وجل: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ يعني: أنزلنا جبريل- عليه السلام- به إليك مُبارَكٌ يعني: كتاب مبارك فيه مغفرة للذنوب لمن آمن به، وصدقه، وعمل بما فيه، لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ أي: لكي يتفكروا في آياته. قرأ عاصم في إحدى الروايتين: لِتَدَبَّرُوا بالتاء مع النصب، وتخفيف الدال. وهو بمعنى: لتتدبروا. فحذفت إحدى التاءين، وتركت الأخرى خفيفة، وقراءة العامة لِيَدَّبَّرُوا بالياء، وتشديد الدال. وهو بمعنى: ليتدبروا. فأدغمت التاء في الدال، وشددت.
ثم قوله عز وجل: وَلِيَتَذَكَّرَ يعني: وليتعظ بالقرآن أُولُوا الْأَلْبابِ يعني: ذوو العقول من الناس.
{"ayahs_start":27,"ayahs":["وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا بَـٰطِلࣰاۚ ذَ ٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۚ فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنَ ٱلنَّارِ","أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِینَ كَٱلۡفُجَّارِ","كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ مُبَـٰرَكࣱ لِّیَدَّبَّرُوۤا۟ ءَایَـٰتِهِۦ وَلِیَتَذَكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ"],"ayah":"وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا بَـٰطِلࣰاۚ ذَ ٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۚ فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنَ ٱلنَّارِ"}