الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ يعني: صيحة ونفخة واحدة، ولا يحتاج إلى الأخرى فَإِذا هُمْ يعني: الخلائق يَنْظُرُونَ يعني: يخرجون من قبورهم، وينظرون إلى السماء كيف غيرت؟ والأرض كيف بدلت؟ فلما عاينوا البعث، ذكروا قول الرسل: إن البعث حق. وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ يعني: يوم الحساب. ويقال: يوم الجزاء. فردت عليهم الحفظة. ويقولون: هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ أنه لا يكون.
ثم ينادي المنادي: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا يعني: سوقوا الذين كفروا وَأَزْواجَهُمْ يعني: وأشباههم. ويقال: وقرناءهم، وضرباءهم. ويقال: وأشياعهم، وأعوانهم. ويقال:
وأمثالهم وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: من الشياطين الذين أضلوهم. ويقال: كل معبود، وكل من يطاع في المعصية فَاهْدُوهُمْ يعني: ادعوهم جميعاً. ويقال: اذهبوا بهم، وسوقوهم جميعاً إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ يعني: إلى طريق الجحيم، والجحيم ما عظم من النار. ويقال: إلى وسط الجحيم. فلما انطلق بهم إلى جهنم أرسل الله عز وجل ملكاً يقول:
وَقِفُوهُمْ أي: احبسوهم إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن ترك قول لا إله إلا الله. ويقال: في الآية تقديم. يعني: يقال لهم قفوا قبل ذلك. فحبسوا، أو سئلوا.
ثم يساق بهم إلى الجحيم فيقال لهم: مَا لَكُمْ لاَ تَناصَرُونَ يعني: لم ينصر بعضكم بعضاً، ولا يدفع بعضكم عن بعض كما كنتم تفعلون في الدنيا.
قوله عز وجل: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ أي: خاضعون ذليلون وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ يعني: يسأل ويخاصم بعضهم بعضاً القادة والسفلة، والعابد، والمعبود، ومتابعي الشيطان للشيطان. ويقال: يَتَساءَلُونَ يعني: يتلاومون قالُوا يعني: السفلة للرؤساء إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ يعني: من قبل الحق أي: الدين فزينتم لنا ضلالتنا.
وروي عن الفراء أنه قال: الْيَمِينِ في اللغة القوة والقدرة. ومعناه إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا بأقوى الحيل، وكنتم تزينون علينا أعمالنا. وقال الضحاك: تقول السفلة للقادة: إنكم قادرون وظاهرون علينا. ونحن ضعفاء أذلاء في أيديكم. روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ عن الحق. يعني: الكفار يقولون: للشيطان. وقال القتبي: إنما يقول هذا:
المشركون لقرنائهم من الشياطين إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ يعني: عن أيماننا لأن إبليس قال: لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ [الأعراف: 17] وقال المفسرون:
من أتاه الشيطان من قبل اليمين، أتاه من قبل الدين، وليس عليه الحق. ومن أتاه من قبل الشمال، أتاه من قبل الشهوات، ومن أتاه من بين يديه، أتاه من قبل التكذيب بالقيامة، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه، وعلى من يخلف بعده، فلم يصل رحماً، ولم يؤد زكاة.
وقال المشركون لقرنائهم: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ في الدنيا من جهة الدين يعني:
أضللتمونا قالُوا لهم قرناؤهم بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أي: لم تكونوا على حق، فتشبه عليكم، ونزيلكم عنه إلى الباطل وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ يعني: من قدرة فنقهركم.
ويقال: من ملك فنجبركم عليه بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ يعني: كافرين عاصين فَحَقَّ عَلَيْنا يعني: وجب علينا جميعاً قَوْلُ رَبِّنا وهو السخط. ويقال: قَوْلُ رَبِّنا يوم قال لإبليس لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) [ص: 85] إِنَّا لَذائِقُونَ يعني: العذاب جميعاً في النار.
قوله عز وجل: فَأَغْوَيْناكُمْ يعني: أضللناكم عن الهدى إِنَّا كُنَّا غاوِينَ يعني:
ضالين. يقول الله تعالى: فَإِنَّهُمْ يعني: الكفار والشياطين يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ يعني: شركاء في النار، وفي العذاب يوم القيامة إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ يعني: هكذا نفعل بمن أشرك، فنجمع بينهم وبين الذين أضلّوهم في النار.
ثم أخبر عنهم فقال: إِنَّهُمْ كانُوا يعني: في الدنيا إِذا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يعني:
قولوا لا إله إلا الله يَسْتَكْبِرُونَ عنها، ولا يقولونها وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا يعني: أنترك عبادة آلهتنا لِشاعِرٍ يعني: لقول شاعر مَجْنُونٍ أي: مغلوب على عقله. يقول الله تعالى:
بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ يعني: بالقرآن. ويقال: بأمر التوحيد. ويقال: جاء ببيان الحق وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ الذين قبله. قال مقاتل: يعني: صدق محمد ﷺ بالمرسلين الذين قبله. وقال الكلبي: وبتصديق المرسلين الذين قبله. ومعناهما واحد. ويقال: معناه جاء محمد- عليه السلام- بموافقة المرسلين- عليهم السلام- إِنَّكُمْ يعني: العابد والمعبود لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ يعني: لتصيبوا العذاب الوجيع الدائم وَما تُجْزَوْنَ في الآخرة إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يعني: إلا بما كنتم تعملون في الدنيا من المعاصي والشرك.
ثم استثنى المؤمنين فقال عز وجل: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني: الموحدين ويقال: إِلَّا بمعنى لكن عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ.
{"ayahs_start":19,"ayahs":["فَإِنَّمَا هِیَ زَجۡرَةࣱ وَ ٰحِدَةࣱ فَإِذَا هُمۡ یَنظُرُونَ","وَقَالُوا۟ یَـٰوَیۡلَنَا هَـٰذَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ","هَـٰذَا یَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٱلَّذِی كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ","۞ ٱحۡشُرُوا۟ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ وَأَزۡوَ ٰجَهُمۡ وَمَا كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ","مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡجَحِیمِ","وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ","مَا لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ","بَلۡ هُمُ ٱلۡیَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ","وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ یَتَسَاۤءَلُونَ","قَالُوۤا۟ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ ٱلۡیَمِینِ","قَالُوا۟ بَل لَّمۡ تَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ","وَمَا كَانَ لَنَا عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمࣰا طَـٰغِینَ","فَحَقَّ عَلَیۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَاۤۖ إِنَّا لَذَاۤىِٕقُونَ","فَأَغۡوَیۡنَـٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَـٰوِینَ","فَإِنَّهُمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ فِی ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ","إِنَّا كَذَ ٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِینَ","إِنَّهُمۡ كَانُوۤا۟ إِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ یَسۡتَكۡبِرُونَ","وَیَقُولُونَ أَىِٕنَّا لَتَارِكُوۤا۟ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرࣲ مَّجۡنُونِۭ","بَلۡ جَاۤءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ","إِنَّكُمۡ لَذَاۤىِٕقُوا۟ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَلِیمِ","وَمَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ","إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِینَ"],"ayah":"فَأَغۡوَیۡنَـٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَـٰوِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق