ثم قال عز وجل: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً يعني: وصفوا بين الرب، وبين الملائكة نسباً حين زعموا أنهم بناته. ويقال: جعلوا بينه وبين إبليس قرابة. وروى جبير عن الضحاك قال: قالت قريش: إن إبليس أخو الرحمن. وقال عكرمة: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً قالوا: الملائكة بنات الله، وجعلوهم من الجن. وهكذا قال القتبي.
ثم قال: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ قال مقاتل والكلبي: يعني: علمت الملائكة الذين قالوا إنهم البنات إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أن من قال: إنهم بناته لمحضرون في النار. ويقال: لو علمت الملائكة أنهم لو قالوا بذلك، أدخلوا النار ثم قال عز وجل:
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ يعني: تنزيهاً لله عما يصف الكفار. ثم استثنى على معنى التقديم والتأخير، يعني: فقال إنهم لمحضرون إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني: الموحدين.
فإنهم لا يقولون ذلك.
ثم قال عز وجل: فَإِنَّكُمْ يا أهل مكة وَما تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ يعني: ما أنتم عليه بمضلين أحداً بآلهتكم إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ يعني: إلا من قدر الله له أن يصلى الجحيم. ويقال: إلا من كان في علم الله تعالى أنه يصلى الجحيم. ويقال: إلا من قدرت عليه الضلالة، وعلمت ذلك منه، وأنتم لا تقدرون على الإضلال والهدى وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ يعني: قل يا جبريل لمحمد ﷺ. وما منا معشر الملائكة إلا له مقام معلوم. يعني:
مصلى معروفاً في السماء، يصلي فيه ويعبد الله تعالى فيه وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ يعني: صفوف الملائكة في السموات. وروي عن مسروق، عن ابن مسعود قال: إن في السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك ساجد. وروي: أو قدماه. وروي عن مجاهد عن أبي ذر عن رسول الله ﷺ أنه قال: «أطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَها أنْ تَئِطَّ ما فيها موضع شبر إلاَّ وَفِيهِ جَبْهَةُ مَلَك سَاجِد» . ويقال: إن جبريل- عليه السلام- جاء إلى النبيّ ﷺ فقال له: أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ [المزمل: 20] وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ في السموات، يعبد الله عز وجل فيه وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ يعني: المصلين وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا يعني: إن أهل مكة كانوا يقولون: لو أتانا بكتاب مثل اليهود والنصارى، لكنا نؤمن، فذلك قوله عز وجل: لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ يعني: لو جاءنا رسول لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني: الموحدين. فلما جاءهم محمد رسول الله ﷺ كفروا به. ويقال: يعني: بالقرآن فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ يعني: يعرفون في الآخرة، وهذا وعيد لهم. ويقال في الدنيا.
{"ayahs_start":158,"ayahs":["وَجَعَلُوا۟ بَیۡنَهُۥ وَبَیۡنَ ٱلۡجِنَّةِ نَسَبࣰاۚ وَلَقَدۡ عَلِمَتِ ٱلۡجِنَّةُ إِنَّهُمۡ لَمُحۡضَرُونَ","سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ","إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِینَ","فَإِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ","مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ بِفَـٰتِنِینَ","إِلَّا مَنۡ هُوَ صَالِ ٱلۡجَحِیمِ","وَمَا مِنَّاۤ إِلَّا لَهُۥ مَقَامࣱ مَّعۡلُومࣱ","وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّاۤفُّونَ","وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡمُسَبِّحُونَ","وَإِن كَانُوا۟ لَیَقُولُونَ","لَوۡ أَنَّ عِندَنَا ذِكۡرࣰا مِّنَ ٱلۡأَوَّلِینَ","لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِینَ","فَكَفَرُوا۟ بِهِۦۖ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"وَجَعَلُوا۟ بَیۡنَهُۥ وَبَیۡنَ ٱلۡجِنَّةِ نَسَبࣰاۚ وَلَقَدۡ عَلِمَتِ ٱلۡجِنَّةُ إِنَّهُمۡ لَمُحۡضَرُونَ"}