الباحث القرآني

يقول الله تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ وذلك أنه إذا كان يوم نادى مناد: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ يعني: اعتزلوا أيها الكفار من المؤمنين، فإنهم قد تأذوا منكم في الدنيا، فاعتزلوهم حتى ينجوا منكم. ويقال: إن المنادي ينادي أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ امتازوا، فإن المؤمنين قد فازوا. وأيها المنافقون امتازوا، فإن المخلصين قد فازوا. ويا أيها الفاسقون امتازوا فإن الصالحين قد فازوا ويا أيها العاصون امتازوا، فإن المطيعين قد فازوا. ثم يقول للكفار والمنافقين بعد ما امتازوا: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يعني: ألم أتقدم إليكم. ويقال: ألم أبيّن لكم في القرآن. ويقال: ألم أوضح لكم يا بَنِي آدَمَ بالكتاب والرسل. وقال القتبي: العهد يكون لمعان، يكون للأمانة كقوله: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ [التوبة: 4] ويكون لليقين، ويكون للميثاق، ويكون للزمان. كما يقال: كان ذلك في عهد فلان أي: في زمانه. ويكون العهد للوصية، كقوله: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ يعني: أن لا تطيعوا الشيطان. قال ابن عباس: من أطاع شيئاً فقد عبده إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ يعني: بيّن العداوة وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ يعني: أطيعوني، ووحدوني. يعني: هذا التوحيد طريق مستقيم. ويقال: دين الإسلام هو طريق مستقيم لا عوج فيه، وهو طريق الجنة. قوله عز وجل: وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً يعني: خلقاً كثيراً. وقرأ نافع وعاصم جِبِلًّا بكسر الجيم، والباء، والتشديد. وقرأ أبو عمرو، وابن عامر: جِبِلًّا بضم الجيم، وجزم الباء. والباقون: بضم الجيم والباء. ومعنى ذلك كله واحد. وقال أهل اللغة: الجبل، والجبلة كله بمعنى واحد يعني: الناس الكثير أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ما فعل بمن كان قبلكم، فتعتبروا فلم تطيعوه، فلما دنوا من النار قال لهم خزنتها هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ في الدنيا فلم تصدقوا بها اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ يعني: اصلوها اليوم بما كفرتم في الدنيا عقوبة لكم في الدنيا الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وذلك حين قالوا: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يعني: يعملون من الشرك والمعاصي. ثم قال: وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ قال مقاتل يعني: لو نشاء لحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ يعني: ولو طمست الكفر، لاستبقوا الصراط، أي: لجازوا الطريق فَأَنَّى يُبْصِرُونَ يعني: فمن أين يبصرون الهدى بعد ما جعلت قلوبهم قاسية، وجعلت على أعمالهم غطاء، وَأكِنَّةً على قلوبهم. قال الكلبي: وَلَوْ نَشاءُ لفقأنا أعين الضلالة، فأبصروا الهدى، واستبقوا الطريق فَأنَّى يُبْصِرُونَ الطريق. ويقال: فأنى يبصرون. الهدى وقال بعضهم: ولو نشاء لأعمينا أبصارهم في أسواقهم، ومجالسهم، كما فعلنا بقوم لوط- عليه السلام- حين كذبوه وراودوه عن ضيفه فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ يعني: فابتدروا الطريق هرباً إلى منازلهم، ولو فعلنا ذلك بهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب