الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ قال الكلبي: يعني: في الآخرة. وقال مقاتل: في بيت المقدس لحسابهم. ثم قال: فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً يعني يوم القيامة لا تنقص نفس مؤمنة، ولا كافرة، من أعمالهم شيئاً وَلا تُجْزَوْنَ يعني: ولا تثابون إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من خير أو شر. ثم قال: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ يعني: يوم القيامة في شغل مما هم فيه. أي: عن الذي هم فيه فاكهون. يعني: ناعمين. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو فِي شُغُلٍ بجزم الغين. وقرأ الباقون: بالضم. وهما لغتان. يقال: شغْل وشغُل مثل عُذْر وعذُر وعمْر وعمُر. قرأ أبو جعفر المدني: فكهون بغير ألف، وقراءة العامة فاكِهُونَ بالألف. فمن قرأ بغير ألف يعني: يتفكهون. قال أبو عبيد: يقال: للرجل إذا كان يتفكه بالطعام، أو بالشراب، أو بالفاكهة، أو بأعراض الناس، إن فلاناً يتفكه. ومنه يقال للمزاحة فكاهة. ومن قرأ بالألف يعني: ذوي فاكهة. وقال الفراء: فاكهة وفكهة لغتان، كما يقال حذر وحاذر. وروي في التفسير فاكِهُونَ يعني: ناعمون. وفكهون معجبون. وقال الكلبي ومقاتل في قوله: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الآية يعني: شغلوا بالنعيم في افتضاض الأبكار العذارى عن أهل النار، فلا يذكرونهم يعني: معجبين بما هم فيه من النعم والكرامة. قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عن عكرمة في قوله: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ قال في افتضاض الأبكار. وروى زيد بن أرقم عن رسول الله ﷺ قال: «إنَّ الرَّجُلَ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَالجمَاعِ» ، فقال رجل من أهل الكتاب: إن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة. فقال الرسول: «يَفِيضُ مِنْ جَسَدِ أحَدِهِمْ عَرَقٌ مِثْلُ المِسْكِ الأذْفَرِ فَيَضْمُرُ بذلكَ بَطْنُهُ» . ثم قال تعالى: هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ قرأ حمزة والكسائي فِي ظُلَلٍ وقرأ الباقون فِي ظِلالٍ فمن قرأ فِي ظُلَلٍ فهو جمع الظلة. يقال: ظلة وظلل مثل حلة وحلل. ومن قرأ بكسر الظاء فهو جمع الظل يعني: هم في ظلال العرش والشجر ويقال معنى القراءتين يرجع إلى شيء واحد. يعني: إن أهل الجنة هُمْ وَأَزْواجُهُمْ الحور العين في القصور عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ يعني: على السرر عليها الحجال. وروى مجاهد عن ابن عباس قال: الأرائك سرر في الحجال. وقال الكلبي: لا تكون أريكة إلا إذا اجتمعتا، فإذا تفرقا فليست بأريكة مُتَّكِؤُنَ أي: ناعمون. وإنما سمي هذا لأن الناعم يكون متكئاً. ثم قال: لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ يعني: لهم في الجنة من أنواع الفاكهة وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ يعني: ما يتمنون مما يشتهوا من الخير، سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ يعني: يرسل إليهم ربهم بالتحية والسلام. والعرب تقول: ادّعي ما شئت، يَدَّعُونَ يتمنّون. فقوله عز وجل: سَلامٌ قَوْلًا يعني: يقال لهم سلام كأنهم يتلقونه بالسلام مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ويقال: وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ سَلامٌ يعني: لهم ما يشاءون خالصاً. ثم قال: قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب