الباحث القرآني

وهي أربعون وخمس آية مكية قوله تبارك وتعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: خالق السموات والأرض. يقال: فطر الشيء إذا بدأه. قال ابن عباس- رضي الله عنه-: ما كنت أعرف فاطر حتى اختصما لي أعرابيان في بئر. فقال أحدهما: أنا فطرتها يعني: بدأتها. ثم قال: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا يعني: مرسل الملائكة بالرسالة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت والكرام الكاتبين- عليهم السلام- أُولِي أَجْنِحَةٍ يعني: ذوي أجنحة، ولفظ أولي يستعمل في الجماعة، ولا يستعمل في الواحد وواحدها ذو. ثم قال: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يعني: من الملائكة من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة. ومنهم كذا. ويقال: ثُلاثَ معدول من ثلاثة. يعني: ثلاثة ثلاثة. وَرُباعَ معدول من أربعة يعني: أربعة أربعة. ثم قال: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ يعني: يزيد في خلق الأجنحة ما يشاء. وروي عن ابن شهاب أن رسول الله ﷺ سأل جبريل- عليه السلام- أن يتراءى له في صورته. فقال له جبريل: إنك لا تطيق ذلك. فقال: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَفْعَلَ» . فخرج رسول الله ﷺ إلى المصلى في ليلة مقمرة، فأتاه جبريل في صورته فغشي على رسول الله ﷺ حين رآه. ثم أفاق وجبريل- عليه السلام- يسنده، واضع إحدى يديه على صدره، والأخرى بين كتفيه. فقال رسول الله ﷺ: «سُبْحَانَ الله مَا كُنْتُ أرَى شَيْئاً مِنَ الخَلْقِ هَكَذا» ! فقال جبريل: فكيف لو رأيت إسرافيل؟ إن له اثني عشر جناحاً، منها جناح بالمشرق وجناح بالمغرب، وأن العرش لعلى كاهله، وإنه ليتضاءل بالأحايين لعظمة الله، حتى يعود مثل الوضع يعني: عصفوراً. حتى لا يحمل عرشه إلا عظمته. فذلك قوله تعالى: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ يعني: في خلق الملائكة. ويقال: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ يعني: الشعر الحسن، والصوت الحسن، والخلد الحسن. ويقال: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ يعني: في الجمال والكمال والدمامة. ثم قال: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ من الزيادة والنقصان وغيره. ثم قال عز وجل: مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ يعني: ما يرسل الله للناس من رزق كقوله: ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ [الإسراء: 28] ويقال: الغيث. ويقال: مِنْ رَحْمَةٍ يعني: من كل خير فَلا مُمْسِكَ لَها يعني: لا يقدر أحد على حبسها وَما يُمْسِكْ يعني: ما يحبس من رزق فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ يعني: فلا معطي أحد بعد الله عز وجل. قال في أول الكلام: فَلا مُمْسِكَ لَها بلفظ التأنيث، لأنه انصرف إلى اللفظ وهو الرحمة. ثم قال: فَلا مُرْسِلَ لَهُ بلفظ التذكير، لأنه ينصرف إلى المعنى وهو المطر والرزق، ولو كان كلاهما بلفظ التذكير أو كلاهما بلفظ التأنيث لجاز في اللغة. فذكر الأول بلفظ التأنيث لأن الرحمة كانت أقرب إليه، وفي الثاني كان أبعد وقد ذكر بلفظ التذكير مجاز حذف ما ثم قال: وَهُوَ الْعَزِيزُ فيما أمسك الْحَكِيمُ فيما أرسل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب