الباحث القرآني
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى - عليه السلام- يعني: لا تؤذوا رسول الله ﷺ كما آذى بنو إسرائيل موسى- عليه السلام- قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: أخبرني الثقة، بإسناده عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال:
«كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلى سَوْأَةِ بَعْضٍ، وكان موسى- عليه السلام- يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: والله مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلاّ أنَّهُ آدَرُ [[الآدر: من أصابه فتق في إحدى خصية من خصييه. أو من كانت خصيته عظيمة بلا فتق.]] . فَذَهَبَ مُوسَى مَرَّةً يَغْتَسِلُ. فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ. فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ. فَخَرَجَ مُوسَى بِأَثَرِهِ يَقُولُ: حَجَرْ ثَوْبِي، حَجَرْ ثَوْبِي حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ إلَى سَوْأَةِ مُوسَى. فَقَالُوا: وَالله ما بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. فَقَامَ الحَجَرُ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْباً» . فقال أبو هريرة: ستة أو سبعاً. والله إن بالحجر لندبا سبعة بضرب موسى، وذلك قوله: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا ويقال: إن موسى وهارون وابني هارون خرجوا فتوفي هارون في تلك الخرجة، فلما رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ قالت السفهاء من بني إسرائيل لموسى: أنت قتلت هارون. فخرج موسى مع جماعة من بني إسرائيل. فأحيا الله تعالى هارون- عليه السلام- فأخبر أنه لم يقتله أحد، وأنه مات بأجله فذلك قوله تعالى:
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً يعني: مكيناً وكان له جاه عنده منزلة وكرامة.
ثم قال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ يعني: أطيعوا الله واخشوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يعني: عدلاً صواباً فيما بينكم وهو قولهم ابن فلان فأمرهم أن ينسبوهم إلى آبائهم. ويقال: قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يعني: لا إله إِلاَّ الله. ويقال: قولاً مخلصاً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ يعني: يقبل أعمالكم وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في السر والعلانية فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً يعني: نجى بالخير وأصاب نصيبا وافرا.
قوله عز وجل: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ قال مجاهد: لما خلق الله عز وجل آدم- عليه السلام- عرض عليه الأمانة فحملها، فما كان بين أن حملها، وبين أن أخرج من الجنة، إلا كما بين الظهر والعصر. وروي عن ابن عباس- رضي الله عنه- أنه قال: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ يعني: الفرائض على السموات والارض والجبال. فقال لهن:
يأخذن بما فيها. فقلنا: وما فيه يا رب؟ قال: إن أحسنتن جوزيتن. وإن أسأتن عوقبتن. فقلن:
يا رب إن تعرضها علينا فلا نريد، وإن أمرتنا بها فنحن نجتهد. وعرضت على الإنسان يعني:
آدم- عليه السلام- فقبلها وحملها. وقال بعضهم: هذا على وجه المثل إن لم تظهر الخيانة في الأمانة إلا من الإنسان. فلم تظهر من السموات والأرض والجبال كما قال: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ [الحشر: 21] فكأنه يقول: لو عرضنا الامانة على السموات والأرض والجبال لأبين حملها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ يعني: آدم وذريته إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا بالقبول. وروي عن الحسن أنه قال: عرض على السموات عرض تخيير لا عرض إيجاب.
فلذلك لم تعصِ بترك قبولها ويقال: عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ يعني: على ملائكة السموات والأرض والجبال. كما قال: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] يعني: أهل القرية. وقال السدي: لما أراد أن يحج، عرض الأمانة يعني: أمر ولده شِيث وقابيل وهابيل فعرض على قابيل الكخداذبية والائتمار، والقيام في شغل الدنيا، والعيش حتى يرجع هو من الحج إلى وطنه. فقبله ثم خانه، فقتل أخاه. وإنما كان عرض آدم بأمر الله تعالى فلذلك قال:
عَرَضْنَا. وقال بعضهم: أن الله عزَّ وجلَّ لما استخلف آدم على ذريته، وسلّطه على جميع ما في الأرض من الأنعام والوحوش والطير، عهد إليه عهداً أمره فيه، ونهاه فقبله. ولم يزل عاملاً به إلى أن حضرته الوفاة. فسأل ربه أن يعلمه من يستخلف بعده، ويقلده الأمانة. أن يعرض على السموات والأرض بالشرط الذي أخذ عليه من الثواب إن أطاع، ومن العقاب إن عصى فَأَبَيْنَ أن يقبلنها شفقاً من عذاب الله. فأمره أن يعرض على الأرض والجبال فكلاهما أبيا، ثم أمره أن يعرض على ولده فقبل بالشرط إنه كان ظلوماً جهولاً لعاقبة ما تقلده يعني:
المتقبل الذي تقبله منه.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم قال: الْأَمانَةَ ثلاث في الصلاة والصيام والجنابة.
ثم قال عز وجل: لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ يعني: عرضنا الأمانة على الإنسان لكي يعذب الله المنافقين والمنافقات وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ بما خانوا الأمانة وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بما أوفوا الأمانة وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وكان صلة في الكلام يعني والله غفور لذنوب المؤمنين، رحيم بهم. وروى سفيان عن عاصم، عن زر بن حبيش قال: قال أبي بن كعب: كانت سورة الأحزاب لتقارب سورة البقرة أو أطول منها، وكان فيها آية الرجم. قلت: يا أبا المنذر وما آية الرجم؟ فقال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله العزيز الحكيم، والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وسلم.
{"ayahs_start":69,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ ءَاذَوۡا۟ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُوا۟ۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِیهࣰا","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوۡلࣰا سَدِیدࣰا","یُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَـٰلَكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِیمًا","إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَیۡنَ أَن یَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا","لِّیُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ وَیَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمَۢا"],"ayah":"إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَیۡنَ أَن یَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق