الباحث القرآني

وقوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ قرأ حمزة والكسائي تماسوهن وقرأ الباقون تَمَسُّوهُنَّ مثل الاختلاف الذي ذكرنا في سورة البقرة فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ يعني: ليس للأزواج عليهن عدة تَعْتَدُّونَها وإنما خصّ المؤمنات، لأن نكاح المؤمنات كان مباحاً في ذلك الوقت. فلما أحلّ الله تعالى نكاح الكتابيات، صار حكم الكتابية وحكم المؤمنة في هذا سواء إذا طلقها قبل أن يخلو بها لا عدة عليها بالإجماع. وإن طلقها بعد ما خلا بها، ولم يدخل بها فقد روي عن ابن مسعود وابن عباس- رضي الله عنهما- أنهما قالا: لا عدة عليها. وقال عمر وعلي ومعاذ وزيد بن ثابت وجماعة منهم- رضي الله عنهم- أن عليها العدة، وهو أحوط الوجهين، أنه إذا خلا بها ولم تكن المرأة حائضاً، ولم يكن أحدهما مريضاً، ولا محرماً ولا صائماً صوم فرض، يجب على الزوج المهر كاملاً، وعليها العدة احتياطاً. وأما إذا كانت المرأة حائضاً أو مريضة أو محرمة أو صائمة عن فرض أو الرجل مريض أو صائم عن فرض أو محرم فطلقها بعد الخلوة قبل الدخول، فعليه نصف المهر، وعليها العدة احتياطاً. ثم قال: فَمَتِّعُوهُنَّ يعني: متعة الطلاق ثلاثة أثواب وهي مستحبة غير واجبة وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا يعني: خلوا سبيلهن تخلية حسنة وهو أن يعطيها حقها. قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ يعني: نساءك اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ يعني: أعطيت مهورهن، لأن غيره كان له أكثر من أربع نسوة أمره أن يترك ما زاد على الأربع، وقد أحلّ للنبي ﷺ إمساك التسع ولم يأمره بالفرقة. وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ يعني: أحللنا لك من الإماء مثل مارية القبطية مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ من الغنيمة يعني: أعطاك الله كقوله تعالى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ [الحشر: 7] . ثم قال: وَبَناتِ عَمِّكَ يعني: أحللنا لك نكاح بنات عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ يعني: هاجرن معه من مكة إلى المدينة أو قبله أو بعده. ثم قال: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً يعني: أحللنا لك امرأة مُّؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ﷺ وقرأ الحسن إِنْ وَهَبَتْ بنصب الألف ومعناه إذا وهبت ويكون ذلك الفعل خاصة لامرأة واحدة. وقراءة العامة إن بالكسر فيكون معناه لكل امرأة إن فعلت ذلك في المستقبل. قال مقاتل: وذلك أن أم شريك وهبت نفسها للنبي ﷺ بغير مهر كذا قال الكلبي. وروى معمر عن الزهري في قوله: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ قال: بلغنا أن ميمونة وهبت نفسها للنبي ﷺ ووهبت سودة يومها لعائشة- رضي الله عنها- وروى وكيع عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي وعمرو بن الحكم، وعبد الله بن عبيدة قال: تزوج النبيّ ﷺ ثلاث عشر امرأة. ستة من قريش. خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة بنت أبي أمية. وثلاثاً من بني عامر، وامرأتين من بني هلال ميمونة بنت الحارث وهي التي وهبت نفسها للنبي ﷺ. وزينب أم المساكين، وامرأة من بني بكر وهي التي اختارت الدنيا. وامرأة من بني الحزن من كندة وهي التي استعاذت منه. وقال يحيى بن أبي كثير تزوج أربعة عشر. خديجة وسودة وعائشة. تزوج هؤلاء الثلاث بمكة. وتزوج بالمدينة زينب بنت خزيمة، وأم سلمة، وجويرية من بني المصطلق. وميمونة بنت الحارث، وصفية بنت حيي بن أخطب، وزينب بنت جحش وكانت امرأة زيد بن حارثة، وعالية بنت ظبيان، وحفصة، وأم حبيبة، والكندية، وامرأة من كلب. وروى الزهري عن عروة قال: لما دخلت الكندية على النبيّ ﷺ قالت: أعوذ بالله منك. فقال: «لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك» . ثم قال عز وجل: إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها يعني: أن يتزوجها بغير صداق خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ يعني: خالصا للنبي ﷺ بغير مهر، ولا يحل لغيره. وقال الزهري: الهبة كانت للنبي ﷺ خاصة، ولا تحل لأحد أن تهب له امرأة نفسها بغير صداق. وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي ﷺ. واختلف الناس في جواز النكاح. قال أهل المدينة باطل. وقال أهل العراق: النكاح جائز، ولها مهر مثلها. وروي عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه أجاز ذلك. وروى هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة- رضي الله عنها- أن خولة بنت حكيم وهبت نفسها للنبي ﷺ، وكانت من المهاجرات الأول. وقال القتبي: العرب تخبر عن غائب، ثم ترجع إلى الشاهد فتخاطبه، كما قال هاهنا: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ بلفظ الغائب ثم قال: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ. ثم قال: قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ يعني: ما أوجبنا عليهم فِي أَزْواجِهِمْ يعني: في أن لا يتزوجوا إلا بالمهر. ويقال: إلا أربعاً وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ويقال: يعني إلا ما لا وقت فيهن لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ في الهبة بغير مهر. وفي الآية ومعناه: أنا أحللنا لك امرأة مؤمنة وهبت نفسها للنبي ﷺ لكي لا يكون عليك حرج. ثم قال: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً يعني: غفوراً فيما تزوج قبل النهي رَحِيماً في تحليل ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب