الباحث القرآني

قوله عز وجل: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ يعني: يرى المثبطين منكم، المانعين من القتال منكم وهم المنافقون وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ يعني: لأوليائهم وأصدقائهم هَلُمَّ إِلَيْنا يعني: ارجعوا إلينا إلى المدينة، وهذا بلغة أهل المدينة، يقولون للواحد وللاثنين والجماعة: هلم وسائر العرب تقول للجماعة: هلموا. ثم قال: وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا وذلك أن المنافقين كانوا يقولون: إن لنا شغلاً، فيرجعون إلى المدينة، فإذا لقيهم أحد بالمدينة من المؤمنين يقولون: دخلنا لشغل ونريد أن نرجع. وإذا لقوا أحداً من المنافقين يقولون: أي شيء تصنعون هناك؟ ارجعوا إلينا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ يعني: ولا يحضرون القتال إلا قليلاً، رياءً وسمعةً. ولو كان ذلك لله لكان كثيراً وهذا كقوله: وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا. ثم قال عز وجل: أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ يعني: أشفقة عليكم، حباً لكم حتى يعوقكم يا معشر المسلمين. ويقال: يعني: بخلاء في النفقة عليكمْ ويقال: فيه تقديم. فكأنه يقول: ولا يأتون البأس شفقة عليكم أي: لم يحضروا شفقة عليكم إِلَّا قَلِيلًا يعني: لا قليلاً ولا كثيراً. فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ يعني: خوف القتال رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ من الخوف تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ يعني: تدور أعينهم كدوران الذي هو في غثيان الموت، ونزعاته جبناً وخوفاً فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ وجاءت قسمة الغنيمة سَلَقُوكُمْ يعني: رموكم. ويقال: طعنوا فيكم بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ يعني: سلاط باسطة بالشر أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ يعني: حرصاً على الغنيمة. ويقال: بخلاً على الغنيمة أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا يعني: لم يصدقوا حقّ التصديق فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ يعني: أبطل الله ثواب أعمالهم. وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً يعني: إبطال أعمالهم. ويقال: عذابهم في الآخرة على الله هيّن. ثم قال عز وجل: يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا يعني: يظنون أن الجنود لم يذهبوا من الخوف والرعب وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ مرة أخرى. ويقال: حكاية عن الماضي يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يعني: تمنوا أنهم خارجون في البادية مع الأعراب يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ يعني: عن أخباركم وأحاديثكم وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ يعني: معكم في القتال مَّا قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا رياءً وسمعةً من غير حسبة. وقرئ في الشاذ يُسْئَلُونَ بتشديد السين وأصله يتساءلون أي: يسأل بعضهم بعضاً. وقراءة العامة يَسْئَلُونَ لأنهم يسألون القادمين. ولا يسأل بعضهم بعضا. قوله عز وجل: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قرأ عاصم أُسْوَةٌ بضم الألف. وقرأ الباقون: بالكسر. وهما لغتان ومعناهما واحد. يعني: لقد كان لكم اقتداء بالنبي ﷺ وقدوة حسنة، وسنة صالحة، لأنه كان أسبقهم في الحرب. وكسرت رباعيته يوم أحد. وَوَاسَاكُمْ بنفسه في مواطن الحرب. لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ يعني: يخاف الله عز وجل: وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً باللسان وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ يعني: الجنود يوم الخندق والقتال قالُوا هذا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ في سورة البقرة وهو قوله عز وجل: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: 214] الآية. ويقال: إنه قد أخبرهم النبيّ ﷺ أنه نازل ذلك الأمر. فلما رأوه قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً يعني: لم يزدهم الجهد والبلاء إلا تصديقاً لقول النبيّ ﷺ وَجُرْأَةً وَتَسْلِيماً يعني: تواضعاً لأمر النبيّ ﷺ. ثم نعت المؤمنين:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب