الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ يعني: ومن علامات وحدانيته أن يعرفوا توحيده بصنعه، أَن يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّراتٍ بالمطر. ويقال: يستبشر بها الناس. ويقال: فإذا كان الاستبشار به ينسب الفعل إليه وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ يعني: ليصيبكم من نعمته وهو المطر وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ يعني: السفن تجري في البحر بالرياح بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعني: لتطلبوا في البحر من رزقه كل هذا بالرياح وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ رب هذه النعم فتوحّدوه. لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ يا محمدسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالأمر والنهي، فكذبوهم كما كذب قومك انْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا بالعذاب يعني: من الذين كفروا كانَ حَقًّا عَلَيْنا يعني: واجباً عليناصْرُ الْمُؤْمِنِينَ بالنجاة مع رسولهم. وإنما هو وجوب الكرم، لا وجوب اللزوم. ثم أخبر عن صنعه ليعتبروا، فقال الله عزَّ وَجَلَّ: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً يعني: تدفعه وتهيجه. يقال: ثار الغبار إذا ارتفع فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ يعني: كيف يشاء الله عز وجل. إن شاء بسطه مسيرة يوم أو أكثر وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً يعني: قطعاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ يعني: المطر يخرج من خلاله، من وسط السحاب فَإِذا أَصابَ بِهِ يعني: بالمطر مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ يعني: يفرحون بنزول المطر عليهم قرأ ابن عامر كِسَفاً بالجزم. وقرأ الباقون: بالنصب. ثم قال عز وجل: وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ أي: من قبل نزول المطر عليهم. لَمُبْلِسِينَ يعني: آيسين من المطر. وقال الأخفش: تكرير قبل للتأكيد. وقال قطرب: الأول للتنزيل، والثاني للمطر. ثم قال: فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ يعني: ألوان النبات من أثر المطر منه الأخضر، والأحمر، والأصفر. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص وابن عامر إلى آثار رحمة الله بلفظ الجماعة. قرأ الباقون بلفظ الوحدان، لأن الوحدان يغني عن الجمع. ثم قال: كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها حين لم يكن فيها نبات إِنَّ ذلِكَ يعني: هذا الذي فعل لَمُحْيِ الْمَوْتى في الآخرة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا يعني: الزرع متغيّراً بعد خضرته لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ يعني: لصاروا، وأصله العمل بالنهار. ويستعمل في موضع صار كقوله أصبح وأمسى يوضع موضع صار مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ أي: من بعد اصفراره يكفرون النعم. يقول: لو فعلت ذلك لفعلوا هكذا. ويقال: قوله: فَرَأَوْهُ إشارة إلى النبات، لأن الريح مؤنثة. وإنما أراد ما ينبت بالمطر. ويقال: معناه أنهم يستبشرون إذا رأوا الغيث، ويكفرون إذا انقطع عنهم النبات. ثم ضرب لهم مثلاً آخر فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب