الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ أي: خلق آدم، فبدأ خلقهم ولم يكونوا شيئا ثُمَّ يُعِيدُهُ يعني: يبعثهم في الآخرة أحياء وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ يعني: في المثل عندكم، لأن إبداء الشيء أشدّ من إعادته. ويقال: إن ابتداءه كان نطفة، ثم جعله علقة، ثم جعله مضغة، ثم لحماً، ثم عظاماً. وفي الآخرة حال واحد وذلك هو أهون عليه من هذا. وقال القتبي عن أبي عبيدة: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ يعني: هيّن عليه كما يقال الله أكبر أي: الكبير. ويقال: الإعادة أهون عليه من البداية، والبداية عليه هين. ثم قال: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: الصفات العلى بأنه واحد لا شريك له وَهُوَ الْعَزِيزُ في ملكه الْحَكِيمُ في أمره. ثم قال عز وجل: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا نزلت في كفار قريش، كانوا يعبدون الآلهة، ويقولون في إحرامهم: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك. قَالَ الله تعالى: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا أي: وصف لكم شبهاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني: من العبد مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ من الأموال فَأَنْتُمْ وعبيدكم فِيهِ سَواءٌ في الرزق فيما أعطيناكم من الأموال والملك. ثم قال: تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ قال مقاتل: يعني: أتخافون عبيدكم أن يرثوكم بعد الموت، كما تخافون أن يرثكم الأحرار. فقالوا: لا. فقال: أترضون لله الشركة في ملكه وتكرهون لأنفسكم. قال الكلبي: هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ من أموالكم، من عبيدكم وإمائكم، فَأَنْتُمْ وهم فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ يقول: كما يخاف الرجل ابنه وعمه وأقاربه. قالوا: لا. قال: فأنتم لا ترضون هذا لأنفسكم أن يكونوا فيما تملكون يشاركونكم في أموالكم. فكيف ترضون لله ما لا ترضون به لأنفسكم. وقال السدي: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا هذا مثل ضربه الله عز وجل في الميراث للآلهة. يقول: هل لكم مماليك شركاء في الميراث الذي ترثونه من آبائكم، وأنتم تخافون أن يدخل معكم مملوككم في ذلك الميراث، كما تدخلون أنتم فيه. فكما لا يكون للملوك أن يدخل في مواريثكم، فكذلك لا يكون لهذا الوثن الذي تعبدونه من دون الله عز وجل، أن يدخل في ملكي. وإنما خلقي وعبيدي. قال أبو الليث- رحمه الله عز وجل-: وفي الآية دليل أن العبد لا ملك له، لأنه أخبر أن لا مشاركة للعبيد فيما رزقنا الله عز وجل من الأموال. ثم قال عز وجل: كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ يعني: نبيّن العلامات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ الأمثال فيوحدونه. ثم قال عز وجل: بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ يعني: اتبع الذين كفروا أهواءهم بعبادة الأوثان بِغَيْرِ عِلْمٍ يعني: بغير حجة فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ يعني: فمن يهدي إلى توحيد الله، من أضله الله وخذله وطرده. ويقال: فمن يرشد إلى الحق من خذله الله عز وجل وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يعني: مانعين من عذاب الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب