الباحث القرآني

قوله: فَلَمَّا جاءَتْ يعني: بلقيس وجلست على السرير قِيلَ لها أَهكَذا عَرْشُكِ يعني: أهكذا سريرك قالَتْ بلقيس كَأَنَّهُ هُوَ شبهته به. قال مقاتل: شبهوا عليها، فشبهت عليهم، ولو قيل لها: أهذا عرشك؟ لقالت: نعم. ويقال: إنها شكت في ذلك، لأنها تركت سريرها في سبعة أبيات مقفلة أبوابها، ومفاتيح الأقفال بيدها. فقال سليمان: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها يعني: حمد الله على ما أعطاه من إِتيان السرير وحضورها، وعلى ما أعطاه قبل إتيانها من النبوة والإسلام، فقال: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها. يعني: أعطينا العلم من قبل مجيئها. ويقال: أعطينا علم ملكها وعرشها من قبل مجيئها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ يعني: مخلصين لله تعالى. ويقال: مُسْلِمِينَ منقادين له. قوله عز وجل: وَصَدَّها مَا كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: عبادتها التي كانت تعبد الشمس منعها عن الإسلام. ويقال: معناه صدها إبليس عن الإيمان، فتكون مَا هاهنا بمعنى الفاعل. ويقال: ما هنا بمعنى المفعول، فكأنه يقول: صدها سليمان عما كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ الله عز وجل، كرجل يقول: منعت فلاناً الماء، يعني: عن الماء. ويقال معناه: أن الله تعالى صدّها عما كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ الله، فوفقها للإسلام. ويقال: صدها عن الإسلام العادة التي كانت عليها، لأنها نشأت على ذلك وربيت، ولم تعرف إلا قوماً يعبدون الشمس ثم قال: إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ أي: من قوم جاحدين لله تعالى. قوله عز وجل: يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ يعني: القصر، وذلك لأنها لما أقبلت قالت الجن: لقد لقينا من سليمان ما لقينا من التعب، فلو اجتمع سليمان وهذه، وما عندها من العلم لهلكنا، وخشوا أن يتزوجها ويكون بينهما ولد فيرث الملك، فيبقون في ذلك العناء إلى الأبد، فأرادوا إن يبغضوها إلى سليمان فقالوا: إن رجليها شعراوان، وقال مقاتل: بل كانت أمها جنية. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كانت أمها جنية وكانت شعراء. وقال بعضهم: هذا لا يصح، لأن الجن ليس من جنس الآدميّ فلا يكون بينهما شهوة ونسل، وقال الله تعالى إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى [الحجرات: 13] . يعني: آدم وحواء عليهما السلام فلا يجوز أن يكون النسل من غيرهما. ويقال: إنهم قالوا لسليمان: إن رجلها تشبه حافر الدواب. فأراد سليمان أن ينظر إلى رجليها، فأمر بأن يوضع سريرها في الصرح المبني من القوارير يعني: من الزجاج، وجعل تحت الصرح الماء فيه السمك، فجلس سليمان على سريره في الصرح في مقدّمه، ثم أمرت بلقيس بأن تدخل الصرح لَمَّا رَأَتْهُ يعني: فلما جاءت إلى الصرح رأت ما فيه من السمك سِبَتْهُ لُجَّةً يعني ظنت أنه ماء كثير بين يدي سرير سليمان، فأرادت أن تخوض في الماء، فشمّرت ثيابها كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها فنظر سليمان إلى ساقيها وكانت شعراء، فاستشار سليمان الإنس في ذلك، فأشاروا عليه بالموسى، فقال سليمان: الموسى تخدش ساقيها، فاستشار الجن فأشاروا عليه بالنورة، فأصل النورة من ذلك الوقت. وروي أن سليمان ما نظر إلى ساق أحسن الساقين ولا خلاف بين الروايتين، لأنه يكون أحسن الساقين شعراوين. وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله ﷺ فقالت: «أنا أحسن ساقين أم بلقيس؟ فقال لها النبي عليه السلام: «كانت هي أحسن ساقين منك في الدّنيا، وأنت أحسن ساقين منها في الآخرة» فلما كشفت عن ساقيها قال لها سليمان: لا تكشفي عن ساقيك الَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ يقول قصر مملس، ولهذا سمّي أمرد الذي لم ينبت له الشعر ويقال: ممرد يعني، قوي شديد، كما يقال شيطان مريدنْ قَوارِيرَ يعني: من الزجاج، فلما رأت السرير والصرح، علمت أن ملكها ليس بشيء عند ملك سليمان، وأن ملكه من الله تعالى، وأنه نبي حقا. ثم إن سليمان دعاها إلى الإسلام فأجابت، فذلك قوله تعالى الَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي بعبادتي للشمس أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ وأخلصت ديني لله تعالى مع سليمان بالتوحيد ويقال: عَ سُلَيْمانَ يعني: أسلمت على يدي سليمان لله بِّ الْعالَمِينَ وتابت إلى الله تعالى من شركها قال مقاتل: فاتخذها سليمان لنفسه، فولدت له داود بن سليمان قال النبيّ ﷺ: «هي أحسن ساقين من نساء العالمين وهي من أزواج سليمان في الجنّة» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب