الباحث القرآني

قوله عز وجل: قالَتْ يعني: المرأة إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً على وجه العنوة والغلبة أَفْسَدُوها يعني: أهلكوها وخربوها وقتلوا أهلها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً يعني: أهانوا أشرافها وكبراءها ليستقيم لهم الأَمر وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ قال ابن عباس: هذا قول الله تعالى للنبي ﷺ قال: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ تصديقاً لقول المرأة. وقال الحسن: هذا قول بلقيس: إن سليمان وجنوده كذلك يفعلون، وأكثر المفسرين على خلاف ذلك. ثم قالت المرأة: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ يعني: أصانعهم بالمال، فإن كان من أهل الدنيا فإنه يقبل ويرضى بذلك، ويقال: أختبره أملك هو أم نبي؟ فإن كان ملكاً قبلها، وإن كان نبياً لم يقبلها فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ يعني: أنظر بماذا يرجع المرسلون من الجواب من عنده؟ وذكر في الخبر: أنها بعثت إليه لبنتين من ذهب والمسك والعنبر، وبعثت بعشرة غلمان، وعشرة جواري. وكان في الغلمان بعض اللين، وكان في الجواري بعض الغلظة، وأمرت بأن تخضب أيديهم جميعاً، وجعلتهم على هيئة الجواري، وبعثت إليه جوهرة في ثقبها اعوجاج، وطلبت أن يدخل الخيط فيها، فأمر سليمان الشياطين بأن يلقوا في طريق الرسل لبنا كثيرا من ذهب، فلما جاءت رسل بلقيس استحضروا هديتهم، فلما قدموا على سليمان أمر بماء فوضع، وأمر الغلمان والجواري بأن يتوضئوا منه، فجعل الغلام يحدر الماء على يده حدراً، وأما الجواري، فكن يصببن صباً. وفي رواية أُخرى: كانت الجارية تأخذ الماء بكفها وتدلك ذراعيها. وأما الجوهرة، فأخذ دودة حمراء عقد فيها خيطاً، ثم أدخلها في الحجر حتى خرجت من الجانب الآخر، فرد الهدية. وقال للوفد: أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ يعني: أتغرونني بالمال؟ قوله عز وجل: فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قال بعضهم: يعني، جاء الرسول. وقال بعضهم: يعني، جاء بريدها والأول أشبه، لأنه خاطب الرسول. قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ قرأ حمزة أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ بنون واحدة والتشديد، وقرأ الباقون بنونين وأصله نونان، إلا أن حمزة أدغم إحداهما في الأخرى، وشددها. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو أتمدونني بالياء في الوصل، لأنه في الأصل الياء، وهو ياء الإضافة. وقرأ الباقون بغير ياء، لأن الكسر يدل عليه. ثم قال: فَما آتانِيَ اللَّهُ يعني: ما أعطاني الله عز وجل من النبوة والحكمة والدين والإسلام والملك خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ يعني: خير مما أعطاكم من الدنيا والمال بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ يعني: إذا أهدى بعضكم إلى بعض، ويقال: معناه بل أنتم تفرحون بهديتكم إذا ردت إليكم، لأنكم قليلو المال. ويقال: لأنكم مكاثرة بالدنيا. قوله عز وجل: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ يعني: قال سليمان لأمير الوفد: ارجع إليهم بالهدية، فإن لم يحضروني فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِها يعني: لا طاقة لهم بها. قال بعض المتقدمين: ومتى يكون لهم طاقة بجنود سليمان، وكان جنود سليمان من الجن والإنس والشياطين؟ وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها يعني: من أرض سبأٍ أَذِلَّةً يعني: مغلولة أيديهم إلى أعناقهم وَهُمْ صاغِرُونَ أي ذليلون. فلما بلغ الخبر إلى المرأة ورسالة سليمان، لم تجد بداً من الخروج إليه، فخرجت نحوه، فلما علم سليمان بمسيرها إليه قالَ لجلسائه يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها يعني: بسرير بلقيس قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ أي: موحدين، لأنه قد كان أوحي إلى سليمان بأنها تسلم. وقال بعضهم: إنما أراد سليمان بإحضار سريرها قبل أن تسلم ليكون السرير له، لأنها لو أسلمت حرم عليه مالها وكان سريرها من ذهب، وقوائمه من اللؤلؤ والجواهر، مستور بالحرير والديباج وعليه الحجلة وقال بعضهم: إنما أراد أن يبين دلالة نبوته عندها، فتعلم المرأة أنه نبي فتسلم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب