الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ يعني: طلب الطير، وذلك أنه أراد أن ينزل منزلاً، فطلب الهدهد فَقالَ ما لِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ وكان رئيس الهداهد، وكان سليمان قد جعل على كل صنف منهم رئيساً، ثم جعل الكركي رئيساً على جميع الطيور. قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة مَا لِيَ بسكون الياء. وقرأ الباقون بنصب الياء، وهما لغتان يجوز كلاهما. ثم قال: أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ يعني: أم كان غائباً لم يحضر بعد. ويقال: الميم للصلة، ومعناه أكان من الغائبين يعني: أصار من الغائبين. وذكر أن الهدهد كان مهتديا يعرف المسافة التي بينهم وبين الماء. ويقال: كان يعرف الماء من تحت الأرض، ويراه كما يرى من القارورة. وروى عكرمة أنه قال: قلت لابن عباس: كيف يرى الماء من تحت الأرض، وأن صبياننا يأخذونه بالفخ فلا يرى الخيط والشبكة؟ فقال ابن عباس: «ما ألقى هذه الكلمة على لسانك إلا الشيطان، أما علمت أنه إذا نزل القضاء ذهب البصر؟» . فدعا سليمان أمير الطير، فسأله عن الهدهد، فقال: أصلح الله الملك ما أدري أين هو؟ وما أرسلته مكاناً، فغضب سليمان عند ذلك وقال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً يعني: لأنتفن ريشه فلا يطير مع الطيور حولاً، ولأشمسنه في الحر حتى يأكله الذر أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ يعني: لأقتلنه حتى لا يكون له نسل أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ يعني: بحجة بينة واضحة أعذره بها، فإن قيل: كيف يجوز أن يعاقب من لا يجري عليه القلم؟ قيل له: تجوز العقوبة على وجه التأديب إذا كان منه ذنب، كما يجوز للأب أن يؤدب ولده الصغير، وأما الذبح فيجوز، وإن لم يكن منه الذنب. قرأ ابن كثير ليأتينني بنونين. وقرأ الباقون بنون واحدة. فمن قرأ بنونين فهو للتأكيد، لأن النون الأولى مشددة، وتسمى تلك نون القسم، وهي في الحقيقة نونين، والنون الثانية للإضافة. ومن قرأ بنون واحدة، فقد استقل الجمع بين النونات، واقتصر على نونين، فأدغم إحداهما في الأخرى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب