الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: تَبارَكَ وتعالى، وقد ذكرناه الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ يعني: خيراً مما يقول الكفار في الآخرة جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً في الجنة، ويقال: في الدنيا إن شاء أعطاك. وروى سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت قال: عن خيثمة قال: «قيل للنبيِّ ﷺ إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم نعط من قبلك أحداً، ولا نعطي من بعدك أحداً، ولا ينقص ذلك مما عند الله شيئاً. وإن شئت جمعناها لك في الآخرة. قال ﷺ: «بل اجمعها لِي في الآخِرَة» فنزل تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ الآية قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وَيَجْعَلُ بضم اللام على معنى خبر الابتداء، وقرأ الباقون بالجزم لأنه جواب الشرط. ثم قال عز وجل: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ معناه: ولكن كذبوا بالساعة يعني: بالقيامة وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً يعني: هيأنا لمن كذب بالقيامة وقوداً، وهُوَ نار جهنم إِذا رَأَتْهُمْ يعني: جهنم مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ يعني: من مسيرة خمسمائة سنة. ويقال: من مسيرة مائة سنة سَمِعُوا لَها يعني: منها تَغَيُّظاً على الكفار وَزَفِيراً يعني: صوتاً كصوت الحمار. وقال قوم: معناه يسمعون منها تغيظ المعذبين وزفيرهم، كما قال: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ [هود: 106] وقال عامة المفسرين: التغيظ والزفير يسمع من النار، ألا ترى أنه قال: سَمِعُوا لَها، ولم يقل: سمعوا منها، ولا فيها. وقال في آية أُخرى: وَهِيَ تَفُورُ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ [الملك: 8] وروي في الخبر: «أن جهنم تزفر زفرة لا يبقى ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل إلا خرَّ على وجهه ترعد فرائصهم حتى إن إبراهيم الخليل عليه السلام ليجثو على ركبتيه ويقول: يا رب يا رب لا أسألك إلا نفسي» . ثم قال عز وجل: وَإِذا أُلْقُوا مِنْها يعني: فيها مَكاناً ضَيِّقاً يعني: يضيق عليهم المكان كتضييق الزُّجِّ من الرُّمح مُقَرَّنِينَ يعني: مسلسلين في القيود، موثقين في الحديد، قرنوا مع الشياطين دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً فعند ذلك دعوا بالويل، يعني: يقولون وا هلاكاه، فتقول لهم الخزنة: لاَّ تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً يعني: ادعوا ويلاً كثيراً دائماً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب