الباحث القرآني
ثم ضرب مثلاً لعمل الكفار فقال عز وجل: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يعني: مثل أعمالهم الخبيثة في الآخرة كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يعني: كمثل سراب في مفازة، ويقال:
قاع وقيعة وقيعان، يعني: أرضاً مستوية كما يقال: صبي وصبية وصبيان. يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء يعني: العطشان إذا رأى السراب من بعيد يعني: يجده ماء حَتَّى إِذا جاءَهُ يعني: فإذا أتاه ليشرب منه لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً مما طلبه وأراده، فكذلك الكافر يظن أنه يثاب في صدقته وعتقه وسائر أعماله، فإذا جاءه يوم القيامة وجده هباءً منثوراً ولا ثواب له. وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ أي يوم القيامة، عند عمله. وهذا كما قال إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ [الفجر: 14] ، يعني: مصير الخلائق إليه فَوَفَّاهُ حِسابَهُ، يعني: يوفيه ثواب عمله وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ، فكأنه حاسب، ويقال:
سريع الحفظ، ويقال: إذا حاسب فحسابه سريع، فيحاسبهم جميعاً، فيظن كل واحد منهم أنه يحاسبه خاصة، فلا يشغله حساب أحدهم عن الآخر، لأنه لا يحتاج إلى أخذ الحساب، ولا يجري فيه الغلط، ولا يلتبس عليه، ويحفظ على كل صاحب حسابٍ حسابه ليذكره، فهذا المثل لأعمال الكفار، والتي في ظاهرها طاعة، فأخبر أنه لا ثواب لهم بها.
ثم ضرب مثلاً آخر للكافر، فقال عز وجل: أَوْ كَظُلُماتٍ قال بعضهم: الألف زيادة، ومعناه: وكظلمات، يعني: ومثلهم أيضاً كظلمات. ويقال: أَوْ للتخيير، يعني: إن شئت فاضرب لهم المثل بالسراب، وإن شئت بالظلمات، فقال: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يعني: مثل الكفار كمثل من في الظلمات. فشبّه قلب المؤمن بالقنديل، وشبّه قلب الكافر بالظلمات، يعني: كمثل رجل يكون في بحر عميق في ليل كثير الماء يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ يعني: يكون في ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة السحاب، فكذلك الكافر في ظلمة الكفر، وظلمة الجهل، وظلمة الجور والظلم. ويقال: يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ يعني: المعاصي، ومن فوقه العداوة والحسد والبغضاء، ومِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ يعني: الخذلان من الله تعالى.
ثم قال: ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ كما قال للمؤمن: نُورٌ عَلى نُورٍ فيكون للكافر ظلمة على ظلمة، قوله ظلمة، وعمله ظلمة، واعتقاده ظلمة، وقال أبو العالية: يتقلّب في خمس من الظّلم: كلامه ظلمة، وعلمه ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمة، وهو النار. ويقال: شبه قلب الكافر بالبحر العميق، وشبه أعضاءه بالأمواج الثلاث، طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ وسمعهم وأبصارهم، فهذه الظلمات الثلاث تمنعه عن الحق.
ثم قال: إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها يعني من شدة الظلمة، فإذا أبرز يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا من شدة الظلمة، يعني: لم يكن شيء أقرب إليه من نفسه فلم ير نفسه، فكذلك الكافر لم ينظر إلى القبر ولم يتفكر في أمر نفسه أيضا، كقوله عز وجل: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:
21] .
ثم قال: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ يعني: من لم يكرمه الله بالهدى فما له من مكرم بالمعرفة. قرأ ابن كثير ظُلُماتٌ بكسر التاء والتنوين، فكأنه يجعله بمنزلة قوله كَظُلُماتٍ. وقرأ الباقون بالضم على معنى الابتداء. وقرئ في الشاذ: سحاب ظلمات، على معنى الإضافة.
{"ayahs_start":39,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَعۡمَـٰلُهُمۡ كَسَرَابِۭ بِقِیعَةࣲ یَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡـَٔانُ مَاۤءً حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَهُۥ لَمۡ یَجِدۡهُ شَیۡـࣰٔا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ","أَوۡ كَظُلُمَـٰتࣲ فِی بَحۡرࣲ لُّجِّیࣲّ یَغۡشَىٰهُ مَوۡجࣱ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجࣱ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابࣱۚ ظُلُمَـٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَاۤ أَخۡرَجَ یَدَهُۥ لَمۡ یَكَدۡ یَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ یَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورࣰا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ"],"ayah":"أَوۡ كَظُلُمَـٰتࣲ فِی بَحۡرࣲ لُّجِّیࣲّ یَغۡشَىٰهُ مَوۡجࣱ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجࣱ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابࣱۚ ظُلُمَـٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَاۤ أَخۡرَجَ یَدَهُۥ لَمۡ یَكَدۡ یَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ یَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورࣰا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق