قوله عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ، يعني: أرسلناه إلى قومه كما أرسلناك إلى قومك. فإن قيل: إيش الحكمة في تكرار القصص؟ قيل له: لأن في كل قصة كررها ألفاظاً وفوائد ونكتاً ما ليس في الأخرى، ونظمها سوى نظم الأخرى. وقال الحسن: للقصة ظهر وبطن، فالظهر خبر يخبرهم، والبطن عظة تعظهم. ويقال: إنما كررها تأكيداً للحجة والعظة، كما أنه كرر الدلائل، ويكفي دليل واحد لمن يستدل به تفضلاً من الله تعالى ورحمة منه.
فقال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ يعني: أطيعوا الله عز وجل ووحدوه. مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ، يعني: ليس لكم رب سواه، أَفَلا تَتَّقُونَ عبادة غير الله تعالى فتوحدونه؟ يعني: اتقوه ووحدوه.
قوله عز وجل: فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يعني: الأشراف الذين كفروا مِنْ قَوْمِهِ مَا هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، يعني: خلقاً آدمياً مثلكم. يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ. بالرسالة، ويقال:
يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ يعني: يريد أن يجعل لنفسه فضلاً عليكم بالرسالة. وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً، أي لو شاء أن يرسل إلينا رسولاً، لأنزل ملائكة. مَّا سَمِعْنا بِهذا، يعني: ما يدعونا إليه من التوحيد. فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ، أي: الجنون، فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ يعني: انتظروا به حتى يتبين لكم أمره وصدقه من كذبه، ويقال: حَتَّى حِينٍ، يعني: حتى يموت فتنجوا منه.
{"ayahs_start":23,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ","فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُا۟ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُرِیدُ أَن یَتَفَضَّلَ عَلَیۡكُمۡ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَـٰۤىِٕكَةࣰ مَّا سَمِعۡنَا بِهَـٰذَا فِیۤ ءَابَاۤىِٕنَا ٱلۡأَوَّلِینَ","إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةࣱ فَتَرَبَّصُوا۟ بِهِۦ حَتَّىٰ حِینࣲ"],"ayah":"وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ"}