الباحث القرآني

قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ، يعني: تموتون عند انقضاء آجالكم. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ، يعني: تحيون بعد الموت. فذكر أول الخلق، لأنهم كانوا مقرين بذلك، ثم أثبت الموت لأنهم كانوا يشاهدونه ثم أثبت البعث الذي كانوا ينكرونه، ثم ذكر قدرته، فقال عز وجل: وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ، يعني: سبع سموات بعضها فوق بعض كالقبة. وقال مقاتل والكلبي: غِلَظُ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماءين كذلك. وقال أهل اللغة: الطرائق واحدها طريقة، ويقال: طارقت الشيء، يعني: إذا جعلت بعضه فوق بعض. وإنما سمي الطرائق، لأن بعضها فوق بعض. ثم قال: وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ، أي عن خلقهن عاجزين تاركين. ويقال: لكل سماء طريقة، لأن على كل سماء ملائكة عبادتهم مخالفة لعبادة ملائكة السماء الأخرى، يعني: لكل أهل سماء طريقة من العبادة: وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ، أي لم نكن نغفل عن حفظهن، كما قال: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [الأنبياء: 32] . قوله عز وجل: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَآءً بِقَدَرٍ، يعني: بوزن، ويقال: بِقَدَرٍ ما يكفيهم لمعايشهم ويقال: بِقَدَرٍ يعني: كل سنة تمطر بقدر السنة الأولى، كما روي عن ابن مسعود أنه قال: «ليست سنة بأمطر من سنة، ولكن الله عز وجل يصرفه حيث يشاء» ويقال: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَآءً، أي أربعة أنهار تخرج من الجنة: دجلة، والفرات، وسيحان، وجيحان. فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ، يعني: فأدخلناه في الأرض، ويقال: جعلناه ثابتاً فيها من الغدران والعيون والركايا. وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ، يعني: يغور في الأرض، فلا يقدر عليه، كقوله عز وجل: إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً [الملك: 30] . فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ، يعني: وأخرجنا بالماء جنات، يعني: الخضرة، ويقال: جعلنا لكم بالماء البساتين. مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ، يعني: الكروم لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ، يعني: ألوان الفواكه سوى النخيل والأعناب. وَمِنْها تَأْكُلُونَ. ثم قال عز وجل: وَشَجَرَةً، يعني: وأنبتنا شجرة، ويقال: خلقنا شجرة، تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ قال قتادة: طور سيناء جبل حسن، وقال الكلبي: جبل ذو شجرة، وقال مجاهد: الطور جبل، والسيناء حجارة، وقال القتبي: الطور جبل والسيناء اسم. وقال مقاتل: خلقنا في الجبل الحسن الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام. وقرأ ابن كثير وأبو عمر ونافع طُورِ سَيْناءَ بكسر السين، وقرأ الباقون بالنصب، ومعناهما واحد. ثم قال: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ، يعني: تخرج بالدهن. قرأ ابن كثير وأبو عمرو تَنْبُتُ بضم التاء وكسر الباء، يعني: تخرج الدهن، وقرأ الباقون تَنْبُتُ بنصب التاء وضم الباء، وهو اختيار أبي عبيد، أي: تنبت معه الدهن، كما يقال: جاءني فلان بالسيف، أي معه السيف. وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ، يعني: الزيت يصطبغ به، وجعل الله عز وجل في هذه الشجرة إداماً ودهناً، وهي صبغ للآكلين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب