الباحث القرآني

قوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، يعني: يدفع كفار مكة عن الذين آمنوا، فلا ينالون منهم شيئاً. وقال الزجاج: إذا فعلتم هذا وخالفتم أهل الجاهلية، فيما يفعلونه في نحرهم وإشراكهم، فإن الله يدافع عن حزبه، ويقال: إن أهل مكة آذوا المسلمين قبل الهجرة، فاستأذنوا النبيّ ﷺ في قتالهم في السر، فنهاهم الله عزّ وجلّ عند ذلك. ثم قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، يعني: يدفع أذاهم عن المسلمين، فأمرهم بالصبر. قرأ ابن كثير وأبو عمرو إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ، بغير ألف، وقرأ الباقون يُدافِعُ بالألف، من دافع يدافع، بمعنى دفع. ثم قال: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ للأمانة كَفُورٍ كفور لربه ولنعمه. وقال أهل اللغة: الخوان الفعال من الخيانة، وهو المبالغة في الخيانة، فمن ذكر اسماً غير اسم الله تعالى وتقرب إلى الأصنام بذبيحته، فهو خوان كفور. قوله عز وجل: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ، يعني: أذن للمؤمنين بقتال المشركين. بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ، يعني: أذن لهم بالقتال بسبب أنهم ظلموا. قرأ عاصم في رواية حفص أُذِنَ بضم الألف على معنى: أذن الله للذين يقاتلون، بنصب التاء. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو أُذِنَ بالضم يُقاتَلُونَ بكسر التاء وقرأ الباقون بالنصب. قرأ حمزة والكسائي وابن كثير يُقاتَلُونَ بالكسر. ثم قال: وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، يعني: قادر، وكان المشركون لا يزالون يؤذونهم باللسان وباليد، فشكوا إلى النبيّ ﷺ فلما هاجروا، أمروا بالقتال. ثم أخبر عن ظلم كفار مكة، فقال عز وجل: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، يعني: بلا جرم أجرموا. إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، يعني: لم يخرج كفار مكة المؤمنين بسبب، سوى أنهم كانوا يقولون: ربنا الله، فأخرجوهم بهذا السبب ويقال: في الآية تقديم ومعناه أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ الذين أُخْرِجُواْ مِن ديارهم بِغَيْرِ حَقٍّ، إِلاَّ أَن يقولوا: ربنا الله، وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. ثم قال: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بالجهاد وإقامة الحدود وكف الظلم. يقول: لولا أن يدفع المشركين بالمؤمنين، لغلب المشركون فقتلوا المؤمنين. لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ ويقال: لولا دفع الله بالأنبياء عن المؤمنين وبالمؤمنين من غيرهم، لهدمت صوامع الرهبان وبيع النصارى. وَصَلَواتٌ، يعني: كنائس اليهود، وَمَساجِدُ المسلمين. يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وقال مجاهد: لولا دفع الله تعالى الناس بعضهم ببعض في الشهادة في الحق، لهدمت هذه الصوامع، وما ذكر معها. وقال الزجاج: تأويل هذا: ولولا أن دفع الله بعض الناس ببعض، لهدمت في شريعة كل نبي المكان الذي يصلي فيه، لهدم في زمان موسى عليه السلام الكنائس، وفي زمن عيسى عليه السلام البيع، وفي زمن محمد ﷺ وعلى جميع الأنبياء المساجد. قرأ نافع: ولولا دفاع الله بالألف، وقرأ الباقون بغير ألف وقرأ ابن كثير ونافع لَهُدِّمَتْ بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد على معنى المبالغة والتكثير. ثم قال: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، يعني: لينصرن بالغلبة على عدوه من ينصره بنبيه ﷺ، ويقال: لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ يعني: ينصر الله من ينصر دينه كما قال في آية أخرى: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ [محمد: 7] . ثم قال: إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ أي: منيع قادر على أن ينصر محمدا ﷺ بغير عونكم. قوله عز وجل: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ، يعني: إن أنزلناهم بالمدينة، وهم أصحاب محمد ﷺ. قوله: أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، يعني: بالتوحيد واتباع محمد ﷺ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ عن الشرك. وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ، يعني: لله ترجع عواقب الأمور، يعني: عاقبة أمور العباد في الآخرة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب