الباحث القرآني
قوله عز وجل: وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ، يعني: أكرمناه بالمغفرة من قبل النبوة. وقال مقاتل: من قبل موسى وهارون عليهما السلام، وقال مجاهد: من قبل بلوغه، وقال الكلبي: يقول ألهمناه رشدَه الخير، وهديناه قبل بلوغه. ويقال من قبل محمد ﷺ والقرآن. وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ بأنه أهل للرشد، ويقال: للنبوة، ويقال: وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ. إِذْ قالَ، أي: حين قال لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ؟ يعني: التصاوير، يعني: الأصنام، الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ يعني: عابدين. ويقال: عليها مقيمين. وروى ميسرة النهدي أن علياً رضي الله عنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ.
فلما قال ذلك لهم ذلك إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ، يعني:
فنحن نعبدها. قالَ لهم إبراهيم عليه السلام لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، يعني: في خطإ بَيِّنٍ. قَالَ السدي: كان أبوه يصنع الأصنام، يبعث بها مع بنيه فيبيعونها، فبعث إبراهيم بصنم ليبيعه، فجعل ينادي من يشتري ما يضره ولا ينفعه، وكان إخوته يبيعون ولا يبيع هو شيئا، وقال: أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ يعني: أجدا تقول يا إبراهيم أَمْ أَنتَ مِنَ اللاعبين؟ قَالَ إبراهيم: بل أقول لكم حقاً وأدعوكم إلى عبادة الله تعالى. هو رَبُّكُمْ، يعني:
خالقكم ورازقكم. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، هو ربكم الَّذِي فَطَرَهُنَّ، يعني: هو الذي خلقهن. وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ بأن الَّذِي خلق السموات والأرض هو ربكم.
ثم قال عز وجل: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ، أي: قَالَ إبراهيم عليه السلام: والله لأكسرن أصنامكم. بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ، يعني: بعد أن تنطلقوا ذاهبين إلى عيدكم. وذلك أن القوم كانوا أرادوا أن يخرجوا إلى عيد لهم، فقالوا لإبراهيم: اخرج معنا حتى تنظر إلى عيدنا. وكان القوم في ذلك الزمان ينظرون إلى النجوم، فينظر أحدهم ويقول: إنه يصيبني كذا وكذا من الأمر، وكان ذلك معروفاً عندهم. وكانوا إذا خرجوا إلى عيدهم لم يخلفوا بعدهم إلا من كان مريضاً، فَنَظَرَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فِى النجوم فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ [الصافات: 89] يعني:
أشتكي غداً. فأصبح من الغد معصوباً رأسه، وخرج القوم إلى عيدهم، ولم يتخلف أحد غيره.
فلما خرج القوم، قال إبراهيم: أما والله لأكيدن أصنامكم. فسمعها رجل منهم فحفظها عليه.
فأخذ إبراهيم فأساً ويقال قدوما، وجاء إلى بيت أصنامهم وقد وضعوا ألوان الطعام بين أيديهم، فإِذا رجعوا من عيدهم، كانوا يرفعون ذلك الطعام ويأكلونه تبركاً. ودخل إبراهيم بيت الأصنام، فرأى ذلك الطعام بين أيديهم، فقال: أَلا تَأْكُلُونَ [الصافات: 91] فلم يجيبوه، فقال: مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ [الصافات: 92] فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ [الصافات: 93] ، يعني: جعل يضرب القدم بيده. وقال السدي: قطع رؤوسها كلها. وقال ابن عباس: «كسرها كسراً» وقال بعضهم: نَحَتَ وجوههم. وقال بعضهم: قطع يد بعضهم ورجل بعضهم وأُذُنَ بعضهم، فذلك قوله تعالى:
فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً، يعني: فتاتاً، ويقال: كسرهم قطعاً قطعاً. وقال أهل اللغة: كل شيء كسرته فقد جذذته. وقال أبو عبيد: يعني: فتاتاً يقال: كسرهم أي استأصلهم، ويقال: جذَّ الله دابرهم أي: استأصلهم. وقرأ الكسائي: جُذاذاً بكسر الجيم، والباقون بالضم جُذاذاً وقرئ بالشاذ جُذاذاً بالنصب، ومعناه قريب بعضها من بعض، وهو الكسر.
إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لم يكسره وتركه على حاله، وقال الزجاج: يحتمل الكبير في الخلقة، ويحتمل أكبر ما عندهم في تعظيمهم. لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ، يعني: إلى الصنم الأكبر، ويقال: يَرْجِعُونَ إلى قوله باحتجاجه عليهم لوجوب الحجة عليهم، فجعل القدوم على عنق ذلك الصنم الأكبر. فلما رجعوا من عيدهم، نظروا إلى آلهتهم مكسرة، ويقال: حين دخل إبراهيم عليه السلام بيت الأصنام، كان عندهم خدم، يعني: الوصائف، فخرجن وقلن: إن هذا الرجل مريض، جاء يطلب من الآلهة العافية. فلما خرج إبراهيم ودخلن، فنظرن إلى الأصنام مقطوعة الرؤوس، فخرجن إلى الناس بالويل والصياح وأخبرنهم بالقصة، فتركوا عيدهم ودخلوا، فلما رأوا ذلك، قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ في فعله. قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ، يعني: يَعيبهُمْ، ويقال: أخبر الرجل الذي سمع منه فقال: إني سمعت فتى يذكرهم قال: تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ. يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ. صار إبراهيمُ رفعاً، بمعنى: يقال له هو إبراهيم. وقال: ويحتمل يقال له إبراهيم، رفع على معنى النداء المفرد.
{"ayahs_start":51,"ayahs":["۞ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَـٰلِمِینَ","إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِیلُ ٱلَّتِیۤ أَنتُمۡ لَهَا عَـٰكِفُونَ","قَالُوا۟ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا لَهَا عَـٰبِدِینَ","قَالَ لَقَدۡ كُنتُمۡ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُمۡ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ","قَالُوۤا۟ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِینَ","قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِی فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَ ٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ","وَتَٱللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصۡنَـٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّوا۟ مُدۡبِرِینَ","فَجَعَلَهُمۡ جُذَ ٰذًا إِلَّا كَبِیرࣰا لَّهُمۡ لَعَلَّهُمۡ إِلَیۡهِ یَرۡجِعُونَ","قَالُوا۟ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـَٔالِهَتِنَاۤ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","قَالُوا۟ سَمِعۡنَا فَتࣰى یَذۡكُرُهُمۡ یُقَالُ لَهُۥۤ إِبۡرَ ٰهِیمُ"],"ayah":"قَالُوا۟ وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا لَهَا عَـٰبِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق