ثم قال: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ، أي: من الملائكة: إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ، يعني: من دون الله، ولم يقل ذلك غير إبليس عدو الله. فَذلِكَ، يعني: ذلك القائل نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ، أي: الكافرين.
قوله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا، يعني: أو لم يخبروا في الكتاب؟ قرأ ابن كثير:
الم ير بغير واو وقرأ الباقون بالواو ومعناهما قريب. أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً يعني:
ملتزما فَفَتَقْناهُما، أي: فرقناهما وأبنا بعضها من بعض. وقال مجاهد: كانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت، ففتقناهما بالمطر والنبات، وقال القتبي: كانتا منضمتين ففتقنا السماء بالمطر، والأرض بالنبات وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: كانت السموات واحدة والأرض واحدة، فتفتقت السماء سبعاً، والأرض مثلهن. وقال الزجاج: ذكر السموات والأرض ثم قال: كانَتا رَتْقاً لأن السموات يعبر عنها بالسماء بلفظ الواحد، وأن السموات كانت سماء واحدة وكذلك الأرض، والمعنى أن السموات كانت واحدة ففتقتها وجعلتها سبعاً، وكذلك الأرض. وقيل: إنما فتقت السماء بالمطر، والأرض بالنبات بدليل قوله: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ، وقال:
رَتْقاً ولم يقل رتقين، لأن الرتق مصدر، والمعنى: كانتا ذواتي رتق، ودلهم بهذا على توحيده حيث قال: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ يعني: جعلنا الماء حياة كل شيء، وهو قول مقاتل. وقال قتادة: خلق كل شيء حي من الماء، وقال أبو العالية رحمه الله: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ يعني: من النطفة. أَفَلا يُؤْمِنُونَ؟ يعني: أفلا يصدقون بتوحيد الله بعد هذه العجائب.
{"ayahs_start":29,"ayahs":["۞ وَمَن یَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّیۤ إِلَـٰهࣱ مِّن دُونِهِۦ فَذَ ٰلِكَ نَجۡزِیهِ جَهَنَّمَۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلظَّـٰلِمِینَ","أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقࣰا فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ"],"ayah":"۞ وَمَن یَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّیۤ إِلَـٰهࣱ مِّن دُونِهِۦ فَذَ ٰلِكَ نَجۡزِیهِ جَهَنَّمَۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلظَّـٰلِمِینَ"}