قوله عز وجل: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ، يعني: واذكر يوم نطوي السماء، كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ. قال السدي: السجل ملك موكل بالصحف، فإذا مات الإنسان، رفع كتابه إلى السجل فطواه، ويقال: السجل الصحيفة، ويقال: السجل الكاتب.
وروى أبو الجوزاء، عن ابن عباس قال: «السجل كان كاتب النبيّ ﷺ فأخبره الله عز وجل أنه يطوي السماء يوم القيامة، كما يطوي السجل الكتاب» . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص لِلْكُتُبِ بلفظ الجماعة، وقرأ الباقون: للكتاب بلفظ الوحدان، وقرأ أبو حفص المدني تطوى السماء بالتاء والضم على فعل ما لم يسم فاعله وقراءة العامة نَطْوِي السَّماءَ بالنون والنصب. وقرأ بعضهم: السِّجِلِّ بجزم الجيم والتخفيف، وقراءة العامة بكسر الجيم والتشديد.
ثم استأنف الكلام فقال تعالى: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، يعني: كما خلقهم في الدنيا يعيدهم في الآخرة ويقال: كما بدأناهم شقياً وسعيداً في الدنيا. فكذلك يكونون في الآخرة.
ويقال: كما بدأنا أول خلق من نطفة في الدنيا، نعيده أي: تمطر السماء أربعين يوماً كمني الرجال فينبتون فيه. وَعْداً عَلَيْنا، يعني: وعدنا البعث صدقاً وحقاً لا خلف فيه، كقوله لا رَيْبَ فِيها [السجدة: 2] وَعْداً صار نصباً للمصدر. إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ بهم، أي باعثين بعد الموت. وروي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن رسول الله ﷺ أنه قال «إنَّكُمْ تُحْشَرُونَ يوم القيامة عراة حفاة عزّلا بُهْماً، ثمَّ قال: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ» .
{"ayah":"یَوۡمَ نَطۡوِی ٱلسَّمَاۤءَ كَطَیِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَاۤ أَوَّلَ خَلۡقࣲ نُّعِیدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَیۡنَاۤۚ إِنَّا كُنَّا فَـٰعِلِینَ"}